+ A
A -

في ندوة نظمها «مركز الجزيرة للأبحاث والدراسات» مؤخرا اتخذ السيد خالد مشعل اتجاها نقديا وصل به إلى حد أن قال: على الإسلاميين الاعتراف بأن الحكم أعقد مما كانوا يتصورون»ـ ودعا إلى تواضعهم وعدم الادعاء بامتلاكهم الحقيقة. وإن من أخطائهم الكبيرة نقصهم في التعامل مع الشركاء في الوطن وذكر كذلك أن الفوز بالصناديق لا يكفي بالانفراد بالسلطة. كلام جميل، ونقد بناء وسبق لراشد الغنوشي أن انتقد ممارسات الإسلام السياسي ومن ضمنهم حركة النهضة التي يرأسها.
يبقى مثل هذا النقد البناء حالات فردية قد تفرضها ظروف الوضع الراهن وموقع المسؤولين فيها أمام ما يتوقعونه من مصير ينتظرهم في ظل الأوضاع الراهنة وتعقيداتها. إذ لا تزال الحركات الإسلامية ترى في الماضي مشروع استعادة وليس برنامجا للعبرة والاتعاظ، أعتقد أن هذه المراجعات تدل على نضج أفراد وليس على نضج حركة، لأن الحركة ثقافة، فبالتالي أكثر استمرارا بعد الفرد، تماما كثقافة الاستبداد في عالمنا العربي، ما أن ينتهي المستبد العادل حتى يستمر الاستبداد بعده بلا عدل، ليظهره كاستثناء وليس قاعدة، مازلت أذكر بعض مراجعات الحركات الإسلامية المتطرفه في مصر واعتذارها عن مقتل الرئيس السادات، لتستأنف بعد ذلك اغتيال المثقفين أصحاب الرأي المخالف كالدكتور فرج فودة، ومحاولة اغتيال نجيب محفوظ وغيرهما. هناك أيضا بعض النقد وجه لحكم الإخوان لمصر من داخلهم أو من المقربين منهم كالشيخ القرضاوي، ولكن كما قلت لا يصل ذلك إلى مستوى الثقافة، عندما يكون النقد لسلوك معين فهو تكتيك، يصبح استراتيجية عندما تنتقد الثقافة التي أنتجت هذا السلوك، لا أدري أو لم يتضح لي بعد أن كلام السيد مشعل نقد لثقافة، عليها أن ترتفع في التعامل إلى مستوى الشراكة في الوطن، وأن تخفف من مستوى الادعاء بامتلاك الحقيقة كحركة وإن كان رئيس المكتب السياسي فيها قد طالب بذلك في ندوة ثقافية، والنقد الذاتي لمن يتابع السيد خالد مشعل ديدنه، لذلك ما لم يصبح هذا النقد الجميل والمباشر والمحسوب لصالح السيد مشعل له ما يربطه بالواقع بحكم منصبه الذي قال إنه سيتركه في انتخابات قادمة، فإننا سنظل ضمن ظاهرة الصوت الذي نطلقه، ثم بعد أن نهرب بجلدنا نستمتع بصداه يعود إلى آذاننا يحكي مغامرة دون كيشوتية عربية جديدة.
بقلم : عبدالعزيز الخاطر
copy short url   نسخ
03/10/2016
1359