+ A
A -
يصل دور كايم «فيلسوف وعالم اجتماع فرنسي.. وأحد مؤسسي علم الاجتماع الحديث» في بحوثه السوسيولوجية الإحصائية «التي أجرى حولها كريستيان بودلو وروجيه استباليه، في كتاب دور كايم والانتحار، تحليلا ممتعا «يصل إلى نتائج مدهشة حول الانتحار: في الغالب يتم الانتحار نهارا أكثر مما يتم ليلا، الانتحار أكثر في بداية الأسبوع أكثر مما في آخره، ينتحر البروتستانت أكثر مما يفعل الكاثوليك، وينتحر هؤلاء أكثر مما يفعل اليهود، الانتحار في باريس أكثر منه في أي مدينة فرنسية أخرى، نسبة الانتحار بين المدرسين أقل من نسبته بين الفلاحين، وبين ذوي المستوى الثقافي المرتفع يفوق نظيره لدى غيرهم..

إذا ينتحر المثقفون مثل، بل أكثر، من غيرهم، بل إنهم ينتحرون أحيانا بطرق معنوية، وهو نوع من الانتحار لا يحدث عند غيرهم. من المثقفين لنختر شريحة الكتاب، ونرى عينة مما يحدث، ورغم ما يقرره دور كايم أنه «حين نعطي تفسيرا نفسيا لظاهرة اجتماعية، يمكن أن نكون على ثقة بأن التفسير مغلوط» إلا أنه من الممكن التخمين فقط لماذا ينتحر الكتاب، أو بعضهم على الأقل: ربما لأن الكاتب يتهشم هكذا دون سبب،أو ربما يفقد مبررا إضافيا لوجوده بعد أن أتم عمله الذي يظن أنه علة وجوده، من غير المستبعد أنه يصبح هشا بطريقة لا يمكن إصلاحها نتيجة أفكار كثيرة عن الهوس والاكتئاب، أو ربما لمجرد أنه «لا موت جميل بعد الأربعين «كما كان يعتقد الروائي الياباني «يوكيو ميشيما».. في جميع الأحوال يصبح أمامه حلا منطقيا وحيدا: أن يغادر. أن يغلق الباب على هذا العالم الذي لم يعد يعنيه في شيء، و..يفعلها. لذا بعد أن يضع الكلمة الأخيرة في جملته الأخيرة في هذا العالم المتخيل، يتبع، لإنهاء حياته، أحد الطرق المجربة الناجحة التالية:

- يطلق رصاصة على قلبه «فلاديمير ماياكوفسكييلف، شاعر وكاتب روسي» .

- يتناول جرعة زائدة من الدواء «رينوسك أكوتاغوا، روائي ياباني» .

- الاستنشاق عن عمد أول أكسيد الكربون «الشاعرة الأميركية آن سيكستون، لكنها على الأقل وضحت دوافعها الشخصية عندما أجابت عن سؤال: لماذا تريد قتل نفسك؟! (بما أنكم تسألون، فأنا لا أتذكّر معظم الأيام. كنت أسير في لباسي، ولا أشعر بزخم الرحيل. هكذا يعاودني ذاك الشبق الذي لا يُسمَّى ».

- ربط حجارة ضخمة على الجسد، ثم القفز في نهر «أوس»، أو أي نهر قريب آخر «الكاتبة الإنجليزية فرجينيا وولف».

- الإطلاق على الرأس مباشرة، وتكرار المحاولة في حالة الفشل «الكاتب الأميركي إرنست همنغواي ».

- القيام بذلك على الطريقة اليابانية «يوكيو ميشيما.. اكيتاغاوا دازاي اوزامو.. اكوتاغاوا ريونوزوك.. ناغاي كافو.. كيتامورا توكوكو، كتاب من اليابان ».

وهناك، مثلما هو ضروري دائما، إسهامات عربية في هذا المجال:

- القفز من الدور الثامن فما فوق «صفية كتو.. شاعرة من الجزائر، أروى صالح..كاتبة مصرية».

- الغرق المتعمد «إسماعيل أدهم، كاتب مصري».

- استخدام بندقية صيد، وتصوب على نفسك «خليل حاوي، شاعر من لبنان». - استخدام بيجامة النوم كحبل مشنقة «عبدالباسط الصوفي، شاعر من سوريا».



بقلم : ضيف فهد

copy short url   نسخ
17/04/2016
1998