+ A
A -
لما كان الهدف من حمى كتابة كتب الأنساب التي أشرت إليها سابقا هو إثبات الوجود المتناغم مع ظروف اليوم ومدخلا للتقارب مع السلطة القائمة أو للوقوف على مستوى واحد مع اعتبارات المجتمع المسبقة ورؤيته لمفهوم الأصالة واللا أصالة، فإننا بذلك نعيش وجودا زائفا وغير أصيل في بحثنا عن الأصالة من حيث لا ندري. الأصالة أن تعيش ذاتك لا ذوات الآخرين، المجتمع الذي يدفع بأفراده نحو التماهي مع ذوات الآخرين على حساب ذواتهم مجتمع غير أصيل ولو أثخن في كتابة الأصول حتى الثمالة، عندما يفقد الإنسان مناعته واستقلاله واعتداده بذاته كإنسان قبل أي شيء آخر يصبح وجوده وجودا زائفا تماما كمن يبحث في كتب الانساب وراء سطر يتعلق به ليثبت أصالته أو صورة يضعها شعارا لأصالته، مثل هذا الإنسان لا يبني مجتمعا، ومثل هذا المجتمع لا يستقيم مع الوقت، إذا دفع المجتمع افراده نحو ذلك فهو ينتحر، أما إذا تدافع افراده نحو ذلك فهم مغيبون عن الارادة الإنسانية وليسوا سوى أدوات، الوجود الاصيل أن يعيش المجتمع اختلافاته وتناقضاته بانكشاف واضح يدعو إلى التآلف والتآزر، كذلك السلطة هنا، إما أصيلة أو زائفة بتبنيها أصالة الوجود ووقف مسيرة التماهي بينها وبين المجتمع الذي يجب ان تطالبه بإثبات أصالته لا تماهيا وإنما تمايزا وتفاعلا. حمى تأليف كتب الأنساب طرق لمجال الزيف وتمسك بالأصالة الوجودية ودعوة للتخفي بدلا عن الانكشاف والوضوح ووجود للاستخدام فقط وليست وجودا فاعلا تماما كوجود المطرقة في يد النجار بعد استخدامها يُلقي بها جانبا. لا تفقدوا وجودكم الأصيل الذي حباكم به الله بحثا عن وجود زائف أيها السادة، قليل من الثقة في أنفسكم تكفيكم عناء البحث والالتصاق كأعراض أو ألوان تتغير وتتبدل بينما يبقى الجوهر الذي تخفونه أو تحاولونه إخفاءه هو الأصل.
بقلم : عبدالعزيز الخاطر
بقلم : عبدالعزيز الخاطر