+ A
A -
هناك ظاهرة بدأت تنشط يوما بعد آخر في تضاد غريب مع اتجاه الدولة نحو التحديث كما تقول مصادرها ويشيع إعلامها، وهي ظاهرة التسارع في كتابة وطباعة كتب الانساب، ليس الغريب في الفكرة لكن المستغرب هو الوقت والوتيرة والعدد، التزاحم حول إعادة كتابة الانساب بما يتلاءم مع الوضع الراهن سياسيا واجتماعيا، يدل على موقف سلبي من وجود الدولة الحاضنة لجميع مواطنيها وعودة إلى ما قبل قيام الدول، سيقول قائل: لكن معرفة الانساب ضرورية للارحام وللتواصل؟ واقول نعم ولكن لقد تعارف الناس على ذلك دون عناء كتابة التاريخ تكلفا. عندما قامت الدولة في قطر كان الجميع على علم بأصولهم وأنسابهم ولم يستشعر المجتمع الحاجة إلى إعادة التأصيل ومن ثم إعادة اللبس، أنا أعتقد أن هذه الحمى تدل على الخوف وليس على الثقة، وتدل على هشاشة الدولة أو اتجاهها إلى الهشاشة أكثر من ذي قبل، وتضخم مرضي للقبيلة على حساب مؤسسات الدولة، ونزعة استهلاكية احتكارية للبنية المجتمع الاجتماعية. ألا تكفي الدولة أن تكون نسبا مع الاحتفاظ بنسب الإنسان كما تعارف عليه المجتمع؟، ألا تكفى المواطنة أن تكون سندا تاريخيا بدل الابحاث في الاصول والتخلص من الضعيف واللجوء إلى الأقوى.؟ مجتمعنا يتجه إلى القبلية دون فرملة واضحة ففي حين تتكاثر المؤسسات اسميا، تتعاظم الولاءات الأولية يوما بعد آخر، أنا هنا من باب المسؤولية أقترح أن لاتكون الدولة مصدرا في إضفاء المشروعية لأي كتاب ينشر عن تاريخ قبيلة أو تجمع من القبائل أوالبشر حتى لا تعطي مصداقية تناقض مصداقيتها ولا تضفي مشروعية تنافس مشروعيتها وأن تقف على الحياد، لأنها وعاء لجميع القبائل،فقطر هي مرجعيتنا كمواطنين وأنسابنا معروفة، قضية الأنساب وبحثها من جديد يقلل من مصداقيتها، لأن النسب ما تعارف عليه الناس فيما سبق وما تضفيه الدولة على مواطنيها من امتيازات حقوقية، إذا فتح الباب للبحث في الانساب، الجميع سيكون عرضة للاختلاق، ليس هناك في الانساب ثبات تاريخي متجذر بشكل يجعل القطع معه لايقبل التداخل، إعادة انتشار المجتمع من هذا الجانب يدل بلا شك على هشاشة الدولة كما أشرت وعلى خوفه وعدم ثقته في حاضره ومحاولة التحاق من البعض خوفا من الوصمة الاجتماعية أو الشعور بالنقص في مجتمع الولاءات الأولية الذي يشدد على البحث عن النقاء العرقي الغير موجود إلا إذا وجدت العنقاء..انتصروا للدولة إذا أردتم مستقبلا لأولادكم وأحفادكم.
بقلم : عبدالعزيز الخاطر