+ A
A -
ها قد استقر الأمر أخيراً على اللاعبين الأساسيين في الملف السوري، وتم تحييد اللاعبين الآخرين، الذين جلسوا في مقاعد الاحتياط، بانتظار الأوامر للعودة إلى اللعب أو الاستمرار بالمشاهدة فقط، أميركا وروسيا اتفقتا على هدنة جديدة في حلب، فترة عيد الأضحى على الأقل، الهدنة جاءت بعد أن مكنت روسيا النظام السوري من إعادة الحصار على المدينة المنكوبة قبل أيام، مما يعني أن التقارب الروسي التركي الأخير إما فشل أو أنه، وهو الأغلب، استقر على هو الوضع عليه الآن، سيطرة تركيا على عدة مناطق حدودية منها مدينة جرابلس بعد هزيمتها (المفترضة) لتنظيم داعش، وبما أن الملف السوري لم يعد بيد أحد من السوريين، ولم يعد منهم من يملك السيطرة على أي جزء منه، فربما يكون من المفيد أن ينحصر اللعب بين لاعبين فقط، وإن كانت أميركا هي دينامو اللعبة الأساسي، وهي من اختارت روسيا كشريك شبه ند لها، المفيد الذي يمكن الحديث عنه هنا، أن حصر الملف بين اثنين قد يتيح فرصا جديدة للوصول إلى حل يوقف المقتلة اليومية، فرض هدنة يعني باختصار أن يوقف جميع الممولين للكتائب المعارضة أو الموالية للنظام إمدادهم للسلاح والمال والعناصر الجاهزة للقتال حتى الموت، طبعا على افتراض أن أميركا وروسيا جديتان في قرار الهدنة وفرضها على الجميع، هذا يعني أيضا أن فرصة جديدة تتاح للسوريين في المناطق الواقعة تحت حط النار لاستعادة بعض حياتهم المفقودة، ولعل الملف الذي أعدته اللجنة العليا المعارضة للمفاوضات يدل بشكل ما على بدء خريطة العملية السياسية للحل في سوريا، أو هكذا على الأقل يتأمل الكثير من السوريين، رغم أن ثمة بندين رئيسين تم تجاهلهما تماما، وهما الأكثر إلحاحا في أية عملية مفاوضات أو هدنة مؤقتة أو طويلة، الأول لم يتفق الانفاق حوله وهو مصير الأسد، والثاني لم يتطرق إليه أحد حتى اللجنة العليا للمفاوضات، وهو مصير مئات آلاف المعتقلين والمختفين في سجون النظام، وفي سجون الكتائب الإسلامية المتنوعة، فبدون هذين البندين لا يمكن الحديث عن أي حل يرضي جميع الأطراف، وهو ما سيجعل الباب مفتوحا لخرق الهدنة، لاسيما الأمر المتعلق بمصير الأسد، سيبقى عدم البت بالأمر بمثابة الذريعة لأمراء السلاح، لدى الكتائب الجهادية، مثلما سيبقى وجوده حماية لأمراء السلاح لدى الكتائب التي تقاتل إلى جانبه، أما السؤال الرئيسي والأكثر إلحاحا الآن: لماذا حلب فقط؟ لماذا فرض الهدنة على حلب دون باقي المناطق، الطيران الروسي لم يتوقف حتى الآن عن قصف مناطق الشمال، كما أن تنظيم داعش مازال يحاول السيطرة على بعض المناطق الجديدة، وفي الجنوب عادت الكتائب هناك للقتال بعد توقف طويل امتنعت خلاله عن مساندة داريا في حصارها ثم رضوخها لفك الحصار تحت وطأة الجوع والقصف اليومي؟ هل حلب هي مفتاح الحل وما ستؤول اليه الاتفاقات حولها سوف يحدد مصير سوريا؟ سؤال يسأله السوريون اليوم وهم يرون حلب، أعرق مدن الشرق، مسرحا للصراعات والألعاب السياسية الدولية والتي حولتها إلى مدينة شبه مدمرة حتى يكاد لا يبق منها إلا ذاكرة السوريين عنها.

بقلم : رشا عمران
copy short url   نسخ
13/09/2016
2215