+ A
A -
القوانين في بلداننا العربية لا تسمح لأطفال بالالتحاق بالجامعة، مهما بلغ نبوغهم وعبقريتهم، ولكن في أميركا وغيرها من دول العالم المتقدم لا توصد الجامعات أبوابها في وجه الأطفال العباقرة، كما الطفل الأميركي جيريمي سولير، الولد الموهوب البالغ من العمر 12 عاما فقط، والذي أصبح حديث كثيرين، ونقلت صحف عربية ما نشره ملحق الشباب بجريدة لو فيغارو الفرنسية، وصحف أميركية أخرى، عن هذا الطفل، وكيف رحبت به كلية للهندسة في بلاده، وكيف صار هذا الطفل يجلس في قاعة محاضرات مع طلاب يكبرونه عمرا، ولكنهم قد لا يساوونه في العبقرية والنبوغ.
وصارت قضية والديه، أمه الكورية وأبيه الأميركي، خشيتهما من ألا يتمكن جيريمي من بناء صداقات مع رفاق يكبرونه بأعوام عدة.
وذكرت أمه أنها أدركت منذ ولادة ابنها أنه ولد مميز أو حتى ولد غير عادي «!»، رأت نفسها مضطرة لتقليص ساعات عملها لتواكب مراحل تعليم ابنها في المنزل، بينما في مجتمعاتنا العربية لا تكترث الأمهات بعبقرية أو نبوغ أبنائهن، بل معظمهن لا يعرفن كيف أن أبناءهن أو بناتهن يمكن أن يغيروا مسار وحياة البشرية بابتكاراتهم أو اختراعاتهم.
كل التقديرات تحدثنا عن أن الطفل العربي من أذكى الأطفال في العالم، ولكننا لا نحسن الإفادة من هذه الثروة البشرية بإنضاجها ومساعدتها، لا من خلال جهود منزلية، ولا فرص مجتمعية ولهذا تجد أن نوابغنا لا يلتمع نبوغهم إلا في الخارج.
صعود العباقرة إلى الأعلى في دول العالم المتقدم له طرق مفروشة بالورود، ولكن في مجتمعاتنا قد لا يوجد أصلا مثل هذه الطرق، وإن وجدت، فتكون مترعة بالتضاريس الوعرة، والحواجز الغبية، والأفكار السخيفة
هذا النابغة جيريمي سولير اعتمد في سن الـ 11عاماً على نفسه لاكتشاف علم الكيمياء والتعمق به. الأهم أنه درس عبر نظام التعليم عن بعد برنامجاً خاصاً يؤهله لنيل شهادة توازي مستوى شهادة الثانوية العامة. واستمرت مراحل نجاحه ليتمكن في العاشرة من العمر من تحصيل معدل خارق جداً في اختبار التقويم المدرسي اختبار الكفاءة الدراسية «SAT» الذي هو امتحان أساسي لقبوله في معهد الهندسة في جامعة كورنيل.
أما نحن فقد فرضنا سنا محددة لقبول أطفالنا بالمرحلة الابتدائية لا يمكن لأي مدرسة التنازل عن بلوغه، بينما في دول أخرى صار القبول في الجامعة، وليس بالمرحلة الابتدائية، بغير أعمار محددة، ليكون المعيار بالكفاءة الذهنية والاستيعابية وقدرة الطفل الذهنية على إتمام عمليات عقلية ببراعة كهذا الطفل جيريمي سولير، الذي وصفه مدير الكلية أو المعهد الهندسي الذي التحق به بأنه سيتمكن من حل أي معادلة حسابية أو رياضية عجز كثيرون عنها من قبله».
ألا تدعونا قصة هذا الطفل إلى أن نصحح وظيفة الأسرة، ونجعلها أكثر قدرة على اكتشاف ومساعدة أطفالها الأذكياء، وألا يدعونا ذلك أيضا إلى إعادة النظر في الأعمار المشترطة للقبول بكل مرحلة دراسية من مراحل التعليم العام الثلاثة، ولماذا لا نترجم مثل هذه الأقصوصة البناءة لتسترشد بها الأسر والعائلات؟.

بقلم : حبشي رشدي
copy short url   نسخ
13/09/2016
800