+ A
A -
جيلنا لم يعرف الكراهية، لم يعرف الفرز، نتعامل بالأسماء، نتفاهم بالمشاعر العربية الواحدة بعيدا عن أي هوية ضيقة أخرى أذكر أنه في الفصل الدراسي لشهادة الثانوية لعام 73-74م في مدرسة الاستقلال الثانوية كان في فصلنا عدد من الإخوة الأفاضل من أصحاب الديانة المسيحية أذكر منهم، الأخ بيتر أميل حنا والأخ مانويل بشارة وأخيه سليم بشارة وهناك أيضا الأخ نائل فؤاد حماده، وأعتقد أنه مسيحي الديانة كذلك، على كل حال، هؤلاء كانوا من أعز أصدقائي وأكثر الطلبة مرحا وسرورا وابتهاجا داخل الفصل وخارجه، لا أذكر أن أحدنا قط قد خاطبهم ولوجا من ديانتهم، لم أستشعر ديانتهم كمحدد للعلاقة معهم إطلاقا بالإضافة كان هناك إخوة لنا من الطائفة الشيعية لم يكن ذلك أمرا ننتبه إليه، ولم نكن نعلم ولا نبحث عن ذلك قبل سريان حمى الكراهية التي اجتاحت المنطقة بلا هوادة، أذكر أن الإخوة المسيحيين كانوا معفيين من حضور حصة الدين، وكان ذلك أمرا عاديا لم ينتبه إليه أحد بحكم الشعور الإنساني السائد والشعور القومي العربي الذي كان محددا أكثر ثبوتا من غير إشكال المرجعيات الصغرى الأخرى.. لم يعرف جيلنا الكراهية كما يستهلكها يوميا جيل اليوم بكل ما يدعو إلى التقزز والنفور، في تلك الأثناء كانت حرب أكتوبر 73 حيث كنا نلتئم حول المذياع نتناقل أخبار الحرب على الجبهتين السورية والمصرية ونردد الله أكبر بما في ذلك الإخوة العرب أصحاب الديانة المسيحية الأديان لا تعرف الكراهية إلا حين يجهل طبيعتها أبناؤها كان نظامنا التعليمي انعكاسا لتطلعات الأمة وآمالها وتطلعاتها، لا أعرف أين ذهب هؤلاء الزملاء بعد ذلك، لكنني على يقين أنهم عاشوا معنا عصرا جميلا من التآخي يصعب اليوم إعادته.. فللإخوة المسيحيين العرب عبر التاريخ دور مجيد في تاريخ العرب والإسلام بل إن الكثير منهم قد آمن بالإسلام كهوية جامعة لعروبته ومسيحيته فهاهو الأديب السوري ميشيل المغربي المتوفى في عام 77م ينشد قائلا:
لا عيد للعُرب إلا وهو سيده.. عيد الرسول الذي فخرا نُعيده
هي العروبة لا ينهد حائطها.. مادام دين رسول الله يسنده
وكذلك الشاعر اللبناني بشارة الخوري المعروف بالشاعر «القروي» يقول مادحا الرسول صلى الله عليه وسلم:
فإن ذكرتم رسول الله تكرمةً.. فبلغوه سلام الشاعر القروي
كذلك ميشيل عفلق مؤسس حزب البعث العربي في مقال له بعنوان «في ذكرى الرسول العربي» يقول:
«إن حركة الإسلام المتمثلة في حياة الرسول الكريم هي الهزة الحيوية التي تحرك كامن القوى في الأمة فتفيض على الأمم الأخرى فكرا وعملا».
نحن اليوم مع الأسف نعيش بين كراهيتين، كراهية داخل الدين الواحد وكراهية مع الآخر المختلف دينيا، وبدأت أجيال الكراهية تتناسل حاملة داءها في ردائها أرجو أن نتنبه لذلك قبل فوات الأوان.

بقلم : عبدالعزيز الخاطر
copy short url   نسخ
11/09/2016
2720