+ A
A -

لم أكن في الفاشر الكبير- أكبر مدن دارفور- والسودان كله، يحتفل بأمير السلام، صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والخلفية جهود قطر الجبارة في استعادة السلام إلى إقليم دارفور، بوثيقة الدوحة.
لم أكن.. لكن خيالي، كان هنالك، وقلبي- مثل أي دارفوري، تلظى بالنيران البشعة- كان يخفق بالامتنان لقطر.
هل تذكرونها فاطنة الدارفورية، صاحبة الحلم البسيط: حلم أن تعود لقريتها، تبكي على قبر زوجها، وولدها وجيرانها الذين أكلتهم النيران؟
حلمها البسيط، كانت قد قالته لمراسل رويترز، قبل سنوات، وهي في أحد معسكرات الفارين من النيران.
كنت قد كتبت عنها.. وعن حلمها البسيط.
كانت نحيفة، كملانة من لحم الدنيا، في عينيها حزن الدنيا والعالمين، فمها ناشف، وعيناها الكليلتان تبحثان دائما عن شيء مفقود، لن يعود أبدا.
خيالي، تخيلها: فاطنة.. هي بالأمس بين الحشود في الفاشر، تخيلت دموع الفرح تسيل من عينيها، تخيلتها تطلق زغرودة من بعد زغرودة لصانع السلام.. للسلام.
في السلام، يمكن أن تحلم.. ويمكن لحلمك أن يستحيل إلى واقع.
حين كانت فاطنة تحلم حلمها ذاك البسيط، وهي في المعسكر الهزيل، كان الرصاص لا يزال يلعلع، وطائرات الأنتينوف تصب النيران، وكان الدم.. وكان الموت والفرار.
يومذاك كان حلمها البسيط، مستحيلا.
تخيلتها بالأمس، إذ هي تبكي فرحا، يجول بخاطرها أن تسرع إلى قريتها، لتقف على قبر زوجها، والابن الذي كان.. كان حلم أيامها، وعكاز شيخوختها.
حليمة عما قريب، ستعود.. لكن للأسف، لن تجد قريتها. في زمان النيران، النيران تأكل القرى.. وتأكل حتى الأحلام البسيطة.
في زمن الرماد، تبقى الأحلام، مستحيلة.
آه.. يا فاطنة، يا أمي: لا ثمة قبر. لا ثمة قبرين.
آه يا أمي.. كفكفي دموع الحزن، واستعيدي حياتك بدموع الفرح بالسلام، تلك التي أتخيلها ترطب خديك!
نعم.. زغردي يأمي.. ومدي عينيك إلى حيث صانع السلام.. نعم..
هو ذااااااااك يا أمي.
بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
08/09/2016
886