+ A
A -
في أحيان كثيرة يكون الحل لمشكلة ما في اختيار أقل الضررين على الجميع، ولعل ذلك ينطبق على القضية التي سأتحدث عنها اليوم، قضية الفائض من الموظفات بعد دمج الوزارات، والفائض سابقاً لمجرد إيجاد فرصة عمل دون وجود عمل في الأصل بمعنى البطالة المقنعة، وأركز هنا على النساء لارتباطهن بالقضية الثانية... قضية الإهمال التربوي للأبناء التي باتت تمس شريحة مخيفة من الجيل الجديد نتيجة انشغال الأم عن تربية أبنائها بالعمل، وما ترتب على ذلك من مشاكل عديدة. مشكلتان قد تبدوان بعيدتين كل البعد عن بعضهما البعض بينما في الحقيقة بينهما رابط عميق لا يمكن ان نستمر في إهماله والتغاضي عنه. قد يقول البعض انه حتى المرأة غير العاملة قد تهمل في ابنائها وهذا صحيح لكننا هنا لا نتحدث عن هذه الحالات الشاذة بل عن الإهمال الجبري نتيجة العمل، وعدم تواجد المرأة في المنزل مع عدم قدرتها على التوفيق بين هذين الواجبين، فيصبح عطاؤها سطحياً بمعنى مجرد التواجد بدنياً في العمل الفترة الصباحية، والتواجد مساء مع الأبناء لتلبية الحاجات الأساسية فقط، وحل المشكلات دون وجود روح الأم التي تظلل على أبنائها، وتمنحهم السكينة، والاستقرار، مع عين حانية رقيبة تلحظ مشكلاتهم، وانحرافاتهم مبكراً، وتجد من سعة النفس ما يساعدها على حل هذه المشكلات قبل تفاقمها، وتحولها إلى ظواهر سلبية تهدد استقرار، وراحة الأسرة، والمجتمع.
من ناحية أخرى وجود فائض، أو بطالة مقنعة، أو تكدس لا فائدة منه يمثل عبئاً على بيئة العمل نفسها حيث يصبح جو العمل مشحوناً بسبب الفراغ، ووجود من تؤدي عملها، ومن تنام من أول الدوام حتى آخره في نفس المكان، مع تقاضي نفس الراتب، وذات التقييم أحياناً مما يولد شعوراً بالظلم والاحباط لدى من تعمل... الإحباط الذي قد يؤدي إلى التمرد لاحقاً وإهمال العمل، ناهيك عن بقية السلبيات التي لا يسعنا ذكرها. كما ان الموظفة التي جاءت للعمل دون ان تعمل تترك نقصاً في منزلها، وقد تترك خلفها أطفالاً صغارا تجلب لكل واحد منهم خادمة تقوم برعايته في وقت غيابها الذي لا داعي منه أصلاً، وفي حالة عدم أداء أي عمل يتحول الراتب إلى معونة من الدولة، غالباً ما تصب في الكماليات، واستجلاب الخدم.
وحتى لا أكثر الحديث وبما أن الأمر قد تحول إلى ما يشبه المعونة لماذا لا تشجع الدولة هؤلاء الموظفات الفائضات على الجلوس في المنزل وتربية ابنائهم لإفادة المجتمع، والدولة بإعطائهم جزءا من الراتب؟؟
لماذا لا نستطيع ايجاد جهة حقيقية وجادة تدرس مثل هذه المشكلات مع ربطها بمشكلات المجتمع الاخرى وإيجاد حلول منطقية صحيحة لها؟؟
لماذا تستمر هذه الحالة من الرخاوة في حل هذه المشكلات المعلقة؟
هناك تقصير وعلينا أن نصححه.

بقلم : مها محمد
copy short url   نسخ
06/09/2016
2087