+ A
A -


ما يحدث في سوريا يفوق القدرة على الاستيعاب، المهللون للخراب من أماكن أمانهم لا يريدون الانتباه أن كل حركة عسكرية تحدث في سوريا وراءها مخطط دولي ما، وأنها ستقف ما أن يأمر أصحاب القرار بذلك، يتحدث هؤلاء عن تحرير يتمنونه كلما ظهر خبر عن تقدم كتيبة من الكتائب باتجاه منطقة خاضعة للنظام، يواصلون تهليلهم وتحليلاتهم وفرحهم بالنصر القريب، دون أن يخطر لهم سؤال أساسي؟ لماذا الآن؟ ولماذا تنسحب قوات النظام بهذه السهولة واليسر بعد أكثر من أربع سنوات من السيطرة المحكمة والمطبقة على هذه المنطقة؟ قبل أيام تقدمت كتائب المعارضة في ريف حماة وسيطرت على عدة قرى هناك كانت تحت سيطرة النظام، لم يحك عن معارك حامية ولا عن ضحايا كثر، تم الأمر بسلاسة مدهشة، خبر صغير مر فقط، أن أهالي هذه القرى لجؤوا إلى مدينة حماة وهم يملؤون شوارعها وساحاتها الآن، هل سأل أحد المهللين لماذا تركت الناس بيوتها وهربت إلى مدينة حماة؟ سيقول أحد أتباع النظام ومن في حكمهم من مؤيدي التحرير أن هؤلاء مؤيدون للنظام وهربوا خوفاً من الانتقام، وهذا القول ليس سوى اصطياد في الماء العكر، الحقيقة هي أن السوريين الذين ما زالوا تحت سيطرة النظام رؤوا نتائج انسحاب قواته وسيطرة قوات المعارضة، إذ سيبدأ قصف الطيران وستتدمر بيوتهم فوق رؤوسهم، كما حدث في غالبية القرى والمدن والمناطق التي تم تحريرها من قوات النظام، وسيقف الأمر هنا، لن تتقدم قوات المعارضة لتسيطر على المدن الكبرى القريبة، لا يسمح لها بذلك، مطلوب منها اليوم التقدم نحو مناطق معينة، ومطلوب من النظام الانسحاب، هذا ما يحدث، ولعل ما حدث في حلب حين تم فك الحصار عن حلب الشرقية خير دليل، إذ تتالت التحليلات السياسية والمباركات عن قرب تحرير كامل المدينة من سيطرة النظام لتصبح بيد المعارضة، لم يحدث الأمر هكذا طبعاً، انسحب النظام من مواقع سيطرت المعارضة عليها وبقي الأمر على حاله حتى الآن دون تغيير، في ريف دمشق يجبر النظام أهالي الريف تحت ضغط التهديد بالإبادة على القبول بشروطه والخروج من مدنهم وترحيلهم إلى الشمال السوري، يهلل مؤيدوه لهذا التحرير والنصر المظفر، دون أي شعور بالخجل والحياء مما يحدث، عن أي تحرير يتحدث الطرفان؟ نعم يمكن القول إنهما طرفان الآن، عصابتان تأتمران بأوامر دول وأجهزة مخابرات وممولين! من يدفع الثمن هم المدنيون فقط، المدنيون الذين لا يريدون مغادرة بلادهم، المصرون على الصمود رغم انعدام وسائل الحياة تقريباً في مناطقهم، غير أن خطط المجتمع الدولي ليست معنية برغبات السوريين، ثمة مخطط يحصل الآن لسوريا، أو لتقسيم هذا البلد المنكوب، التقارب الروسي التركي والتركي الإيراني وتناقض التصريحات الأميركية والأوروبية، والحديث عن تقارب خفي سوري تركي وتركي كردي لحل مشكلة الأكراد، وأحداث الحسكة، والصمت المخجل لقوى المعارضة السياسية والحركة العسكرية على الأرض، وفرض الهدن المذلة وإجبار الناس على ترك بيوتها وترحيلها إلى مناطق بعينها، يدل بشكل قطعي على أن ما يحدث في سوريا الآن ليس سوى بداية الحل الذي لم يخطر يوماً في بال من نادوا بالحرية وطالبوا بالتغيير في شوارع سوريا ذات يوم، تقسيم سوريا وتبادل مناطق النفوذ فيها.. لك السلام يا بلد.
بقلم : رشا عمران
copy short url   نسخ
06/09/2016
2141