+ A
A -
احزن حينما اجد عربات تجار السكسونيا والروبابيكيا تطوف شوارع واحياء القاهرة ملأى بالكتب القديمة، فقد يعني ذلك ان عشاق الكتب يرحلون عن دنيانا، وان مكتباتهم تباع لتجار الروبابيكيا بابخث الاسعار، كما قد يعني ذلك ان خصلة القراءة لم تورث من اصحاب هذه المكتبات المباعة إلى ابنائهم واحفادهم، ولهذا تباع الكتب تخلصا منها
ومنذ افول زمن «مكتبات سور الازبكية» الشهيرة، لا اعرف إلى اين يذهب تجار «الروبابيكيا» أو «السكسونيا» بهذه الكميات الهائلة من الكتب القديمة، ففي صبانا كنا نوفر من مصروفنا اليومي لنذهب إلى مكتبات سور الازبكية لنشتري كتبا ومجلات قديمة بل وجديدة في بعض الاحيان
وحتى لا تختلط الامور والاصطلاحات، رحت ابحث في الفرق بين «السكسونيا» و«الروبابيكيا»، فتبين ان تجارة (الساكسونيا) تختلف عن تجارة (الروبابيكيا)، فتجارة الساكسونيا تقتصر على مقايضة الملابس أو الأحذية المستعملة أو المستغنى عنها مقابل بعض الأطباق أو الأوانى الخزفية المسماة عالمياً (البورسلين) التي يطلق عليها في مصر (الصينى)، نسبة إلى دولة الصين.
وأن كلمة ساكسونيا هي التسمية التركية لمنتجات مقاطعة (ساكسونى) الألمانية، التي اشتهرت منذ أوائل القرن العشرين بالمنتجات الخزفية الراقية، وهي تسمية كانت شائعة في تركيا ومصر وبلاد الشام.. والتجار المتجولون للساكسونيا في مصر غالباً ما ينادون على تجارتهم «ساكسونيا.. كامبيون!»، وكلمة كامبيو هي الأخرى كلمة إيطالية معناها التبادل أو المقايضة..
أما (الروبابيكيا) فهي تجارة الأشياء المستعملة والمستغنى عنها بصفة عامة.. أو ما نسميه في مصر (كراكيب)، ومن ذلك فان الكتب التي كان يحتفى بمكتباتها في المنازل صارت كما «الكراكيب» القديمة التي يتم التخلص منها بازدراء.
وفي المقاهي لا تجد مصريا يقرأ كتابا، مثلما تجد اجانب اوروبيين فقط ينهمكون في قراءة كتب يصطحبونها إلى المقهى، ويقيني انه في هجر قراءة الكتب عنوان سقم عقلي متوار.
في بلجيكا استلهمت مديرة مدرسة ابتدائية نجاح لعبة «بوكيمون جو» في تطوير لعبة على الانترنت للبحث عن الكتب بدلا من الوحوش الكرتونية، لتجذب لعبة البحث عن الكتب الآلاف من اللاعبين في أسابيع، حيث ينشر هؤلاء اللاعبون صورا وتلميحات بشأن أماكن إخفائهم لكتب ويذهب آخرون للبحث عنها. وبمجرد أن ينهي أحد الأعضاء قراءة كتاب فإنه يخفيه من جديد في مكان آخر.
ونجحت هذه المديرة من خلال فكرتها الابداعية في التحبيب بالقراءة والشجيع عليها، ولم تترك تلاميذها اسرى لجنون البوكيمون التي من احد مظاهر الهوس بها في العالم انه تم توبيخ زعيمة سياسية نرويجية استخدمت هاتفها المحمول في مطاردة البوكيمون خلال جلسة للبرلمان عن سياسات البلاد الدفاعية في أوسلو، رغم ان البوكيمون يحظر استخدامها في النرويج كما يحظر بيعها للأغراض التجارية، مثلما حظرتها دول اخرى عدة في العالم.
ومن ذلك فلا فائدة من ان نصب جام الغضب على بعض التكنولوجيا ومستحدثاتها التي تشغل الابناء، ولكن علينا ان نحاكي هذه المديرة البلجيكية الرائعة في ابتكار تكنولوجيا معلومات تفيدهم ولا تهدر اوقاتهم، ولا تشغلهم عن المفيد في حياتهم، لاعادة الاعتبار للمكتبة والقراءة والكتب.

بقلم : حبشي رشدي
copy short url   نسخ
06/09/2016
1176