+ A
A -
• الإنسان أينما كان، وكيفما كان، ومهما بلغ من العلم والمعرفة، ومع ما يحققه من ثراءٍ، ومع التفاف بشر حوله، يتوقف وحيدا متأملا.. ويسعى جاهداً لتحقيق مطلبٍ هامٍ ورئيسي يفتقده في كل ما حوله، التقدير والاهتمام لذاته هو لا لمزايا خارجية يمتلكها، يبحث عن معانٍ ومعنى حقيقي يؤدي للسعادة، تلك التي تشعره بالنشوة التي تتراءى له في أحلامه، ويتمنى وجودها في أيامه.
• الإنسان منذ بدء الخليقة، باحثٌ عن سبلٍ لسعادته وباحث عن روح معه، وأصعب المباحث وأشقاها من يبحث عن مشاعر إنسانيةٍ تحويه وتضعه في موقعه الصحيح بوجوده في هذا الكون الفسيح، مشاعر تشعره بقيمته كإنسانٍ فاعلٍ في مجتمعه وله وجود لذاته وشخصه، تلك المشاعر تمثل إكسير الحياة للنفس ودواءها، ودافعها للتقدم والنجاح، يظل باحثاً عن مشاعر الحب والصدق والوفاء الإنساني.
• مشاعرُ عديدةٌ، تتبلور في شعور سامٍ.. الحب.. ذلك القائم على إسعاد أطرافٍ مترابطةٍ دون مصالح وغايات.. فالمحب بصدق يمنح أجمل ما عنده من أحاسيس ومشاعر بسخاءٍ، لمن حوله ليجعل من حياتهم معنىً، وليرفع أعماق أرواح أولئك الذين تسرب اليأس وعدم الثقة لمن حولهم.. ليحتل مكانا في غياهب إنسانيتهم المفقودة. بالانسجام والتقارب الروحي وصدق الحوار بين أبناء الإنسانية، نصل لأعماق فاقدي ذلك الشعور.. من يتعذبون ويحترقون ببطء في دائرةِ الحرمان النفسي.
• كثيرون يبحثون عن الحب لتغذية أعماقهم وأرواحهم بوسائل عديدةٍ إيجابيةٍ وواقعية ومشروعة، من خلال ما يملكونه من هواياتٍ مختلفة، أو من خلال أعمالهم أو ما يقدمونه من خدماتٍ لغيرهم، ومن خلال ارتباطٍ روحي بنواحٍ عديدة، يجدون أنفسهم من خلاله لينعموا بشعور الحب الذي يهوونه ويستهويهم ليحويهم.
• وآخرون يلجؤون لطرقٍ ملتويةٍ غير مشروعةٍ في بحثهم عن الحب، وهو ما يلجأ إليه ضعاف النفوس والإيمان والعزيمة، الباحثون عن حبٍ وقتيٍ زائل بزوال الأساس الضعيف في قواعده ومنابعه ويرحل أثره ولا يبقى منه غير ذكرى توجعهم وتؤلم نفوسهم مع تذكرها!
• فاقد الحب، يتملكُّه شعورٌ بالضياع والتشتت والوحدة الدائمة، لانعدام معنى وقيمة وجوده باستقرار يطمئن روحه، معاني إنسانية الحب، رائعة ومن أجمل وأرفع المشاعر السابحة بصدقٍ في أعماق الإنسان، المتحركة بعفويةٍ في عقله ويراها قريبة منه ولكن لا يملك الامساك بها! لفقد سبيل الاستقرار، ولِتعثُّر أرض الواقع بعقبات يضعها أصحاب النفوس المريضة، لتكتنف أعماقه حالة من اليأس والانزواء الذي لا يزول إلا بإحساس رائعٍ متدفقٍ بقوة يصله، بما تملكه وسيطر عليه من حب قادم من ذلك القلب الصغير الحجم، الكبير المعنى والعطاء متى ما قرر الإنسان الالتفات لذاته ومنحه الاهتمام والانتباه واللحظات المهمة لحياته..
• آخر جرة قلم:
الشعور بالحب، شعورٌ غالٍ ثمين، يصعب الوصول إليه بسهولة، فالحب نبعٌ فياض بأجمل الروافد الجياشة الدافعة للنجاح والسعادة والرضا والعطاء بما تحققه من منحٍ لأعماق ومشاعر بشريةٍ جوفاء، متعطشةٍ لذلك النبع.
الحب، أن يحترم بعضنا البعض، أن نراعي مشاعر الآخرين وإنسانيتهم، ألا نمسها بسوءٍ، أو بكلمةٍ جارحة، ألا نجرحها بجملٍ قاسية، أو سوء فهمٍ عارض، ألا نخدش شفافيتها بتصرفٍ خاطئ، أن نراعي تلك المشاعر الصادقة الحساسة الباحثة عن الحب الحقيقي والتقدير والاحترام. وحب بصدق ابتعاد وعداء..!
عطاء الحب، أن نسمو بمشاعرنا ونرتقي بها للوصول إلى تغذية شريان حياتنا المتعطش الجاف لتلك المشاعر الصادقة، فلنمنح الحب طالما استطعنا منحه، به يعيش كثيرون أجمل أيام حياتهم مع صدق عطائنا وسمو مشاعرنا.

بقلم : سلوى الملا
copy short url   نسخ
01/09/2016
7599