+ A
A -
في نيس الفرنسية، وبعد المجزرة التي روعت المدينة الجميلة، عندما قام «داعشي» بدهس محتفلين باليوم الوطني، سبعة وثمانين منهم لفظوا أرواحهم.
يبدو أن الحكومة الفرنسية العلمانية، أصابها الخبل ذاته الذي أصاب الإسلامويون! الخوف من تكرار الأزمة، الخوف العارم من الألم يجعلنا متساوين في ردات أفعالنا. يجعلنا شديدي التوجس والتحفز والاستعداد، تكبر المسؤولية في أن نحبط أي فاجعة شبيهة في مخاضها، وقبل حصد المزيد من الخسائر. مبدأ «سد الذرائع» الذي مكّن المتشددين دينياً من تحويل الحياة إلى لا حياة. لمنع ما أحله الله، منع الأشياء من أن تتخذ شكلها الطبيعي والمعهود. السينما، الاندماج الطبيعي بين الجنسين، قيادة السيارة، عمل المرأة، وغيرها مما تتخيل الذهنية المتشددة المريضة أنه نافذة لموبقات أشد خطرًا، يمكنها أن تهدد المجتمع الإسلامي المحافظ. منها سمعنا خطابات تنعت تلك الممارسات الاجتماعية التي تحدث بكل حتمية في العالم، تنعت بالتغريب، والمؤامرة، وباب الفساد. هذا ماحصل تمامًا للفرنسيين!
فبينما يرتعش المتشدد الديني من لحية حليقة، ومن امرأة خلف المكتب، أصاب العلمانيين في فرنسا ذات الذعر من مجرد «بوركيني»، وهو لباس بحر مخصص للمسلمات، يغطي معظم أجسادهن ورؤوسهن. في كان، مدينة الفن والموسيقى، اعتبر البوركيني رمزا للتطرف الإسلامي، وفرضت غرامة مالية
على من تسول لها نفسها بارتدائه! فيما وصف رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس «البوركيني» بأنه «رمز لاستعباد النساء».
وعلى غرار «نظرة، فابتسامة، فموعد فلقاء». يبدو أن الفرنسيين أصبحوا يفكرون هكذا: «بوركيني، فنقاب، فقنبلة!» إنها مهزلة العقل المتشدد!
نظرية المؤامرة، الميكافيلية، والآن الإسلاموفوبيا. كل تلك الاضطرابات التي تصيب العقل نتيجة حتمية للذعر الذي يصاحب التشدد في كل شيء. نعم، الخوف أبو البشاعة الفكرية، وسبب مباشر لاختلال معايير المنطق. وإلا ما الذي يجعل مجرد لباس يستر جسد المرأة محل جدل دولي وسياسي؟ المثير للشفقة حقاً أن ذات اللباس هو ما يعتبره المتشدد لباساً تغريبيا، يخالف ضوابط الشرع. هو ذاته الذي تعتبره العلمانية المتطرفة: رمزا للتشدد!
لنحاول فهم ما يحدث: لباس امرأة، متشدد ديني يقول إنه لباس غير شرعي. متشدد علماني يقول إنه رمز للتطرف. والمرأة على الشاطئ تفكر في الاستفادة من «فيتامين د» فقط!. هل يتقهقر العقل حينما يتم حصاره بالخوف؟

بقلم : كوثر الأربش
copy short url   نسخ
01/09/2016
4865