+ A
A -
كلما لاح في الأفق ان الحل صار قريبا يظهر معطى جديدا يقلب المعطيات من بصيص التفاؤل إلى الايغال في التشاؤم. سوريا التي كانت لاعبا يناور مع اللاعبين الكبار صارت ملعبا لكل العابثين وهواة تسجيل الاهداف.

بدأت الأزمة صراعا محليا محدودا بين نظام يستأثر بالسلطة وبين معترضين على التجبر ورغبة في التغيير وشيء من الحرية، صارت حربا اقليمية دولية على المواقع والنفوذ وفتات المدن والقرى. كنا في حرب واحدة معروفة الهوية والهدف لكل من أفرقائها المحليين اصدقائهم والحلفاء، صارت الحرب حروبا وكثر اللاعبون وكثرت الانقلابات وتغيرت التحالفات.
في الشمال وحده موزاييك محير ولا أحد قادرا على فك طلاسمه فكيف باستحضار الحل؟ روسيا حضرت بلباسها العسكري بعدما فشلت حليفتها إيران في ردع الثوار عن مواصلة التقدم نحو معاقل النظام في الساحل والجبال. باسم مكافحة الإرهاب، صنفت موسكو «الإرهابيين» تبعا لمفهومها الخاص والمصالح. كادت تشتبك مع تركيا قبل ان تفرض الاحداث وقائع جديدة وتحالفات جديدة لعلها موقتة. أنقرة جاءت ايضا، باسم مقاتلة «داعش» قاتلت الاكراد لمنع التواصل بين قطاعاتهم الجغرافية الثلاثة وتحد من طموحهم الاستقلالي.
واشنطن لم تغب عن الميدان فكانت تدعم الاكراد عند الضرورة وتلاقي الاتراك عند الضرورة ايضا وفي كل الاوقات كانت تغض الطرف عن ممارسات جيش النظام، وكأنها تريد لهذه الحرب ان تستمر إلى ما لا نهاية.
العنوان العريض لكل الافرقاء محاربة «داعش» أما في الميدان فان لكل من المتقاتلين «داعشه»: «داعش» روسيا هو «النصرة» والفصائل الشيشانية والاوزبكية، «داعش» تركيا هو حزب العمال الكردستاني، «داعش» الاوروبيين هم ذوو السحنة الشقراء والنطق الاجنبي الذين جاؤوا إلى سوريا كمتطوعين.اما النظام فان «داعشه» الفعلي هو «الجيش الحر» ومن معه من مدنيين عزل. حتى الصين وجدت «داعشها» الخاص في «الجيش التركستاني» الآتي من سيكيانغ، فلربما تحضر أيضا في القريب العاجل بجيشها وطيرانها!
واذا كانت «جبهة الشمال» في هذا التعقيد وهذا التشابك، فكيف عن الجبهة الجنوبية؟ فهناك توجد اسرائيل التي تضحك في سرها على «المهزلة العربية المأساة» الجارية حولها والتي تتدثر الصمت المريب فيما ملامح نياتها الخبيثة تغطي على كل هذه الجبهة وصولا إلى قلب دمشق. وهناك ايضا يروج الخبثاء لمشاريع خبيثة على غرار الاردن الكبير ودولة الانبار وما شاكلهما.
من أين يأتي الحل في سوريا، ومفاوضات جنيف كلما تقدمت خطوة إلى الامام تراجعت ألف خطوة إلى الوراء؟ من اين يأتي الحال ورعاته الكبار لاسيما اميركا وروسيا يتضاحكون في السر والعلن على بعضهما البعض وعلينا وبينهما ما صنع الحداد واكثر.
حتى كبار الدبلوماسيين في الخارجية الاميركية يصفون جهارا الوزير كيري بانه ساذج لانه يصدق ما يقوله نظيره الروسي لافروف الذي يقول شيئا ويفعل شيئا آخر. من اين يأتي الحل والبوابات الاقليمية الاساس في الرياض وطهران لاتزال مغلقة في وجه بعضها البعض؟ من أين يأتي والأوراق كلها افلتت من أيدي اللاعبين المحليين وقدرتهم على التأثير وحمل القضية الوطنية صارت صفرا؟ من أين يأتي وكل تدخل خارجي مهدد بأن يصير تورطا في مستنقع من الوحل والدماء؟
المسير السوري على درب الجمر يبدو طويلا، وكأنه قدر الأطفال السوريين أن يواصلوا درب ايلان وعمران حتى يأتي الخلاص.
أمين قمورية
copy short url   نسخ
01/09/2016
2499