+ A
A -
لا يتوانى الموظف البسيط عندما تتاح له الفرصة في الثراء اللامشروع إلا ويقتنصها غير آبه، لا يتوانى العامل البسيط حين تغيب الرقابة حتى يهدر الوقت والعمل، يشتركان سويا مع الرأسمالي الانتهازي ورجل النظام الفاسد في نفس نمط التفكير ومشكلتنا ليست فساد الأنظمة فقط، مشكلتنا أيضا في ثقافة الفساد المترعرة في أوصال المجتمع، أو بالأحرى هل فساد الأنظمة نتيجة لقابلية المجتمعات للفساد؟ أو أن فساد النظام أدى إلى استشراء ثقافة الفساد داخل المجتمع حتى أصبح الوسيلة الممكنة للحراك الاجتماعي والإثراء الرأسمالي؟ لا أتكلم عن حالات فردية هنا وهناك ، ولكن الثقافة السائدة تنم عن فساد عميق بالرغم من خطاب المجتمع الإصلاحي الديني الإسلامي، هناك اقتصاد خارج إطار الدولة يجري تفعيله بشكل أو بآخر يجهز على أي مشروع وطني صادق ويعمل على اصطياد ظواهر المجتمع لإنتاج حالة طفيلية تعتاش على مقدرات المجتمع وتفرز ايقونات من لا شيء سوى أنها فقاعة ظهرت فجاءة لتصبح رمزاً اقتصادياً ورأسمالياً كبيراً، الخطورة في ذلك انها تدفع بالمجتمع نحو التطرف حين يصل إلى نقطة اللاتحمل وتخرج من أحشائها ابشع صور التطرف الديني، خاصة حينما يستغرق وعي المجتمع في الخطاب الديني بينما يعايش المجتمع خلاف ذلك في الواقع، خلال حياتي العملية لم أرَ أكثر إهمالاً لدى الموظف من ممتلكات الحكومة عند العامل أو الموظف وإذا سئلت عن السبب أتاك الجواب «مال حكومة»، «سيارات الحكومة، فلل الحكومة، أملاك الحكومة،» هذا الشعور ينم عن انفصام عميق وبتر حاد حيث تبدو اموال الحكومة ليست هي أموال الشعب في ذهنية المواطن، أو هناك من يحتكر الحكومة فيأتي الانتقام على شكل إهدار لهذه الأموال على ذلك الاحتكار. لانزال نعيش على ثقافة الورع الذاتي المتحصلة لنا من بعض تاريخنا الأول وعلى بعض نتائجه ، وننسى الطبيعة البشرية التي هي الأساس فيما كان ذلك هو الاستثناء، لا يمكن أن نعيش على الاستثناء لأنه إلى نفاذ بينما القاعدة هي المستمرة.
ففسادنا العميق لا تنقذنا منه خطب الجمعة ولا حلقات الذكر ولا دروس العصر، نحتاج إلى ثقافة جديدة تحاسب الكبير قبل الصغير والغني قبل الفقير حتى يصبح الفساد كنسبة السموم المعقولة في جسم الإنسان التي تسير في دمه لكن لا تقتله،لا أتكلم عن الخلاص منه تماما لأن ذلك يعني أننا وصلنا إلى تخوم الاخرة وعلى أبواب الجنة، ولكن عن محاربته وحصاره والعمل على عدم استمرائه حيث ذلك بمثابة جهاد في سبيل الله وفي سبيل الإنسان والدين.
عبدالعزيز بن محمد الخاطر
copy short url   نسخ
31/08/2016
1056