+ A
A -
تطالعنا الحياة كل حين عجباً من الناس طلباً للشهرة ،والمال ينطقون بلا منطق ،و يجادلون بلا حجة، ويستشهدون بالأوهام ،يحسبون انهم يحسنون صُنعا، و ليس في صنيعهم إلا ما يهدم القيم،و يشوه الحقائق، و يشوش فكر العوام ،و الأميين،والمتمردين على ضوابط الدين،و الخُلُق ،خاصة اذا وافق صنيعهم هوىً في نفوسهم ،فيسوقونهم سوق الهوام إلى مذبحة الفكر،والأخلاق فإذا الحقُ باطل ، والباطل حق،و اذا الفضيلة دعارة ،والدعارة فضيلة.. وهكذا في قائمة طويلة تنقلب الكثير من فضائل الحياة،وتتلون بغير صبغتها.يُقال أن رجلاً أمسكه الناس يتبول في زمزم وحين سألوه لما فعلت هذا؟ قال:أريد أن يذكرني الناس حتى ولو لعنوني.

وما أكثرَ امثاله اليوم...قد نراهم مجرد ظواهر مثيرة للجدل أخرجها الاعلام ،و أبرزها عبر الفضائيات ،أو المنشورات تبعاً لأجندات ،و خطط معينة...أو لمجرد (الشو)،و اثارة الجدل الجاذب للجماهير. في كلتا الحالتين يتجمع لهؤلاء أعداء ،و مناهضون وفي الوقت ذاته أتباع ،و محبون. هنا تكمن الخطورة مع وجود شريحة كبيرة من مجتمعاتنا العربية تفككت هويتها الأخلاقية ،و الدينية اما بفعل التخلف التنموي البشري في دولها ،وضعف المناهج التعليمية ،و المستوى الاقتصادي بجانب ضغط النمط الاستهلاكي للحياة الحديثة، وقوة جذب النمط العولمي الغربي الذي أثر أيضاً في شرائح من المجتمعات الغنية وأحدث هذا التفكك في الهوية مما جعل كل تلك الشرائح جاهزة لتقبل ذلك العبث الفكري ،و الهستيريا العدائية لثوابت الأمة من قبل رجل يرتدي عمائم الدين كمحمد نصر الملقب بالشيخ ميزو صاحب الفتاوي المثيرة للجدل، والذي أنكر حتى عذاب القبر ،و جعل من المنهج الوهابي مجرد غزو فكري المراد منه تشويه ما يراه جمالاً.لذلك ربما فضل للمرأة ارتداء بدلة الرقص على ارتداء النقاب ، ومجد الرقص الشرقي كونه من الفنون الجميلة التي لا تثير الغرائز في الأصل بالرغم من اللبس الفاضح للراقصات.الأمر الذي لا يقبله ذو عقلٍ ،ومروءةٍ ،و أخلاق ناهيك عن الدين كون العري في حد ذاته خروج عن كل ذلك ،بما فيه من احتقار ،و ابتذال للمرأة فكيف اذا اقترن بالرقص الشرقي.

الشيخ ميزو ومن على شاكلته تصدى لهم الكثيرون من العلماء، والمعروفين ،و تجاهلهم الكثير من العارفين. لكن المشكلة هنا تكمن في تركه وامثاله بلا رادع لهم ،و للبرامج التي تستضيفهم وتطلب فتاواهم مع العلم أنهم ليسوا علماء دين أصلاً لأسباب نعرفها،و أسباب لا نعرفها ،و تحت غطاء شرعي من أولئك المنتفعين منهم ،و المؤيدين لهم بفتاواهم ،و خزعبلاتهم التي تغرق مجتمعاتنا في المزيد من التفاهات التي لا تنقص مجتمعاتنا أصلاً حتى قسمتها إلى من يعيش فيها فعلاً وهو فيها،ومن لا يعيش فيها وهو فعلاً فيها،بمعنى أن هؤلاء لا يعيشون واقع الأمة ،و لا يساهمون في تحدياتها،وتنميتها،الأمر الذي بات يؤخر اغلب مشاريع التنمية البشرية في المنطقة أو يعرقلها.لذلك بات علينا أن نأخذ هذه الظواهر بجدية مهما بدت تافه، فتراكمها يخلق ذلك الجبل من النفايات.و أن يتحمل كلاً منا مسؤوليته في المجتمع لتوعية من هم تحت هذه المسؤولية ،وحتى لا يصبح هؤلاء حجةُ لمن لا حجة لهم ،ولا علم لديهم.

بقلم : مها محمد

copy short url   نسخ
05/04/2016
1241