+ A
A -
لا تخلو عناوين الصحف السودانية في كُلِّ أسبوع، من مقتل أحد الشباب السودانيين المنضوين لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش). كان آخرهم قبل أيام قلائل، نزار ابن السبعة عشر عاماً، الذي قُتِلَ أثناء غارة جوية نفَّذتها القوات الأميركية، أثناء خروجه من المنزل. والدة نزار تلقَّت اتصالاً هاتفياً من جهة مجهولة أبلغتها بمقتل ابنها.
وقبل أسابيع من مقتل نزار، تناقلت الصحف ووكالات الأنباء، خبر مقتل (روان)، أول فتاة سودانية تبلغ من العمر (22) عاماً، كانت تدرس طب الأسنان في السنة الثالثة بجامعة العلوم الطبية والتكنولوجيا بولاية الخرطوم.
وكانت روان ضمن فوج يضم (18) طالباً سودانياً، بينهم (3) طالبات. وغادر الفوج صيف العام الماضي إلى تركيا، للالتحاق بـ(داعش) في العراق وسوريا، بينهم (10) من حملة الجوازات الغربية، ويدرسون بجامعة العلوم الطبية. واستقر الفوج في مناطق الموصل ونينوى، لتقديم الخدمات الطبية في مواقع يسيطر عليها تنظيم (داعش).
وفي يونيو من العام الماضي، نعى تنظيم داعش، شاباً سودانياً يُكنَّى بأبي الفداء السوداني، قيل إنه قُتِلَ في الرقة.
كما نعى التنظيم أحد أبناء الداعية السلفي السوداني أبو زيد محمد حمزة، ويُدعى عبد الإله، الذي توفي متأثراً بإصابته نتيجة تفجير في منطقة سرت الليبية، التي يسيطر عليها تنظيم (داعش).
لا تزال الأرقام مُتضاربةً في تحديد عدد السودانيين المنضمين لتنظيم الدولة. وزارة الداخلية السودانية تحدثت عن (سبعين)، وجهات حكومية أخرى قالت إن عددهم (مائة وعشرون)، ومصادر ليبية تحدثت أن السودانيين يمثلون الكتلة الثالثة في التنظيم بليبيا.
تقارير غير مؤكدة أفادت بأن عدد السودانيين الذين قُتِلُوا ضمن صفوف تنظيم (داعش) بالعراق وسوريا (35) قتيلاً، وفي ليبيا حوالي (20) قتيلاً.
آخر ما سجلته وسائل الإعلام كان انضمام (4) فتيات سودانيات للتنظيم في ليبيا عبر البر.
من الواضح أن التنظيم بدأ في الفترة الأخيرة يفقد كثيراً من كوادره القادمة من السودان والملتحقين به من 2015م حتى أغسطس الحالي.
الحكومة السودانية تتعامل بحذر كبير تجاه تسلل الشباب إلى أماكن سيطرة (داعش) في سوريا والعراق وليبيا.
تبنت الحكومة السودانية أسلوب المراجعات الفكرية، عبر مجمع الفقه الإسلامي، الذي يقف على رأس إدارته الدكتور عصام أحمد البشير، الداعية الإسلامي المعروف، في محاولة لتخليص الشباب المُوالين لـ(داعش) من الأفكار والقناعات المُتطرِّفة.
وفي جانب التدابير الأمنية، عملت السلطات السودانية على مراقبة حركة المغادرين من البلاد، كما قامت بالتنسيق مع الحكومة التركية لمراقبة الوافدين إليها من الأراضي السودانية.
مؤخراً قامت السلطات السودانية بتوقيف عدد من مشايخ التيار السلفي الجهادي المتشدد والمؤيد لفكر (داعش)، في مسعى منها لتحجيم تأثيرهم على الشباب والطلاب.
من خلال مراقبة نتائج تجربة المراجعات الفكرية، التي يُجريها مجمع الفقه الإسلامي السوداني مع الشباب والطلاب الذين لهم قناعة واعتقاد في الأفكار المُتطرِّفة التي تقودهم للانضمام لـ(داعش)، نجد أن هذه المراجعات لم تُثمر اعتدالاً، ولم تُسهم في تصحيح المسار.
بل الأخطر من ذلك، أن هؤلاء الشباب أصبحوا يستغلون هذه المراجعات ويُظهرون اقتناعاً بالمنهج المعتدل. وما إن يُطلَقُ سراحهم حتى يتسللوا خارج الحدود للالتحاق بالتنظيم في سوريا والعراق، وأخيراً إلى ليبيا.
أما الإجراءات الاحترازية ذات الطبيعة الأمنية، فهي ضعيفة الجدوى، نسبة لاتساع مساحة السودان، وانفتاح حدوده على عدة دول، وهو من أقرب الدول من حيث الجوار لليبيا التي انتقل إليها مركز عمليات (داعش)، بعد هجوم القوات الدولية على مراكزها في العراق وسوريا.
ليس من المستبعد أن تُعدِّل الحكومة السودانية في طريقة تعاملها مع المنضوين لـ(داعش) من الشباب والطلاب، وذلك عبر إجراءات وعمليات أمنية مُشدَّدة وقاسية.
وربما لا تجد أمامها من خيار سوى الانخراط العملي في تحالف محاربة (داعش).
إذا حدث ذلك، قد يأتي يوم قريب يصبح فيه السودان مسرحاً جديداً لعمليات تنظيم (داعش)، وأن تتحول حدوده من كونها منافذ لخروج المُتطرِّفين، إلى مداخل للقادمين منهم إلى السودان، وذلك أسوأ السيناريوهات!

بقلم : ضياء الدين بلال
copy short url   نسخ
28/08/2016
3469