+ A
A -
كطيور هاربة من المعلوم حيناً،ومن المجهول أحياناً يتساقطون بحثاً عن أعشاش،أو مكامن تؤويهم،تلم شعث تلك السنين المنفلتة من أعمارهم..و من لهم سوانا نحن الكبار العابرون جسر الحياة،الحاملون على ظهورنا الكثير من الخبرات،والذكريات.

افتتح بالأمس في الدوحة تحت رعاية معالي رئيس مجلس الوزراء مركز عناية الذي يعنى بالخدمات الصحية النفسية،والعقلية للأطفال،و المراهقين في بادرة تدل على مستوى الاهتمام بالإنسان في دولتنا الحبيبة قطر الذي هو اساس التنمية البشرية،و التطور الحديث. بادرة تدل على مستوى الوعي بأهمية السنوات المبكرة من عمر الإنسان،و مدى تأثيرها على شخصيته، ومستقبله لاحقاً خاصة مع ازدياد نسبة الاضطرابات بشقيها النفسي،و العقلي نتيجة للتغيرات التي فرضتها أنماط الحياة الحديثة السريعة. أنماطُ تحمل في طياتها الكثير من الايجابيات،و الكثير من السلبيات التي أضرت بالصحة النفسية،والعقلية،و الجسدية للبشر حتى أصبحت الحاجة ملحة لأمثال هذه المراكز ليس بهدف العلاج فقط،و لكن بهدف نشر التوعية،و توجيه الأهالي للتعامل مع هذه الاضطرابات،و المشاكل.

اليوم هناك أنواع جديدة من الإدمان لدى الأطفال،و المراهقين لا تقل خطراً عن ادمان المخدرات كإدمان الأيباد،و الهواتف الذكية هذا الإدمان الذي بات يعاني منه الصغار،والكبار إلا أنه عند الصغار أشد وضوحاً كون هذه الأجهزة أصبحت بالنسبة لهم عالمهم كله...تختصر كل اهتماماتهم،و متعهم،و علاقاتهم الاجتماعية.لذلك لم نعد نستغرب ظهور حالات انتحار حقيقية،او مجرد محاولات لإيذاء النفس،و الضغط على الوالدين بسبب حرمانهم،أو منعهم من هذه الأجهزة لأنهم حقاً يعانون من آلام الانسحاب من هذه الأجهزة على شكل غضب،و توتر،و اكتئاب. اعراض من المفروض أن لا يصل لها الأبناء لو كان يعيشون في أسرة تهتم لأمرهم وتمنحهم ما يستحقونه،و يحتاجونه من حب،و رعاية لكنها عزلة مع هذه الأجهزة فرضت عليهم اما لانشغال الأهل عنهم،أو تقليداً لما ساد في المجتمع.السببين معاً يعطيان نفس النتيجة،و يولدان هذه الأمراض،و الاضطرابات النفسية التي لم يكن لها وجود في السابق.كما ان اضطرابات الشخصية،والسلوك أصبحت تظهر بكثرة في الأعمار المبكرة لذات السبب الرئيسي عدم الإشباع العاطفي،و النفسي،والحاجة للاهتمام من قبل الأهل،الأمر الذي تحدثنا عنه سابقا.

كما أن القصور في التربية أو الجهل في التربية الصحيحة أصبح من الأسباب التي تدفع الأمهات لزيارة المركز طلباً للعون أمام هذا الديناصور الصغير الذي قد لا يتعدى عمره الأربع سنوات وبات يعجزها التعامل معه.

الأمراض العقلية،و الوظيفية كالفصام،و التوحد،و فرط الحركة،التي لم يصل العلم لأسبابها الدقيقة بعد،باتت الأبحاث،و النظريات تشير إلى أن المتسبب لها قد يكون هو أيضاً أنماط الحياة الحديثة السريعة ممثلة في الأغذية الحديثة بدءا من الوجبات السريعة،و الأغذية المعلبة الملأى بالكيميائيات،والسموم،و الهرمونات،والفقيرة بالعناصر المغذية للمخ.وهناك الكثير ليقال في هذا الأمر.

في النهاية نتمنى أن يصبح مركز عناية بجانب دوره العلاجي،مركز اشعاع،و توعية،وتوجيه مع تمنياتنا بالتوفيق.



بقلم : مها محمد

copy short url   نسخ
15/03/2016
998