+ A
A -
يمتلكن كل ما يحلم به المعدمون والفقراء، وأولئك الذين يعيشون تحت أسقف لا يعلمون متى سوف تسقط فوقهم بفعل براميل، أوصواريخ متفجرة ومع ذلك أرى بعضهن في قمة البؤس، والضياع. فتيات مراهقات أوحتى تعدين هذه السن. العامل المشترك بينهن أنهن ولدن في زمن جديد، سايره القدماء وسبحوا في ركابه ربما دون إدراك ابعاده، وعمقه، وشواطئه وتركوا الصغار خلفهم يتخبطون في هذا المجهول بين الغرق، والنجاة، بين الأمل، واليأس.
لا يفرقون بين الحقيقة والسراب في حين أن الكبار وبالرغم من معاناة صغارهم لا يريدون ان يعودوا إلى الوراء، اوربما لا يعرفون كيف يعودون إلى الوراء من اجل ان ينتشلوا أولئك التائهين، الباحثين عن شواطئ الحب، والانتماء (كحاجات فطرية) لا بد أن تشبع.
كوني امرأة يجعل عالم الفتيات هو الأقرب لي، لذلك كثيرا ما تشغلني، وتؤلمني همومهن، وتدفعني للاقتراب منهن أكثر. من إحداهن استعرت رواية كانت تقرأها، أعترف أنني تفاجأت أنها تقرأ أصلاً، لكنني لم أتفاجأ من محتوى الرواية التي تختصر كم التخبط الذي فرض على هذا الجيل فرضا، واجتاح حياتهم.
هذه الرواية تتناول حياة فتاة تعيش صراعاً داخليا كونها تشعر بأنها مختلفة لا تتقبل حياة مجتمعاتنا الخليجية التقليدية، وترغب في حياة الغرب المتحرر، حيث تعيش الفتيات هناك بحرية، وبدون كل ما تعتبره قيداً على عقلها، وروحها، وقلبها، تعيش كيف تشاء، وتختار ما تشاء.
تخوض عشرات المغامرات العاطفية الفاشلة دون أن تكره الحب، والرجال.. الرجال الذين يسيطرون على بوابات الفرح، والحزن في مجتمعاتنا الشرقية كونه مجتمعا ذكوريا في المقام الأول كما ترى الكاتبة التي تخوض قصص حب فاشلة عبر العالم الافتراضي متمثلاً في شبكات التواصل الاجتماعي، الذي تبحث فيه عن رجلها الذي تريده، قصصا فاشلة تجعلها تستسلم وتتزوج كباقي الفتيات في مجتمعها رجلا لم تعرفه، ولم تحبه زواجاً تقليدياً. في الوقت ذاته يعود حبيبها الأول الذي اختفى بلا سبب في يوم زفافها لتتوه أكثر.
الرواية امتلأت بمشاعر الكآبة، والغضب، والرفض للواقع السوداوي الذي تعيشه فتياتنا كما ترى الكاتبة.
وفي ذلك الكثير من الرسائل السلبية التي تغذي ذلك التخبط، والرفض، والغضب لدى بعض فتياتنا الصغيرات اللاتي أصبح الدين، والمجتمع، والتقاليد، وحتى الوالدان عدواً لهم.
ما يغلب على الرواية، وعلى فكر الكثير من الفتيات المتخبطات ذلك الإدراك السلبي لقيم ديننا، ومجتمعنا، وتلك النظرة القاصرة السطحية للحياة، ولحياة الغرب الذي تعيش فيه المرأة واقعاً كارثياً.
ببساطة لأن هؤلاء الفتيات لم يجدن اليد الحانية الحريصة التي ترشدهن للحقيقة، ولا الخطاب الذي يناسب فكرهن، وعصرهن بعد، ولا المناهج التي تناسبهن، ولا المربين الحريصين على انتشال هذه الأجيال من تخبطها والنتيجة ما نرى.
تترك فتياتنا في هذا التيه، ونحن نمتلك اعظم دستور حياة، وخريطة طريق تضمن لهن سعادة الدنيا واستقرارها.

بقلم : مها محمد
copy short url   نسخ
23/08/2016
1843