+ A
A -
رغم أنني اكتشفت لاحقا أن خطاب الدكتور حسن الحسيني الموجه لملك البحرين قديم، والبيان أيضا قديم ومحرف، الصادر من الوكيل المساعد للسياحة في دولة البحرين موجه إلى فنادق الثلاث والاربع نجوم وليست فنادق الخمس نجوم كما كان يشير، مطالبا إياها بمنع بيع وتقديم الخمور ووقف العمل برخص مرافق الديسكو و«البارات»‘ إلا أن، علاقة الواعظ بالسلطان علاقة متأصلة في تاريخنا العربي والإسلامي، حيث يحرك الوعظ في السلطان الجانب الروحي والعاطفي أو الغضبي أحيانا، بينما يحرك المستشار أو البطانة الجانب السياسي، فالواعظ والمستشار أو البطانة طرفا العلاقة مع السلطان والحاكم عبر تاريخنا العربي.
قديما تأثر المأمون بالفكر المعتزلي وطلب من الدولة تبني الفكر المعتزلي كعقيدة لها بالقوة، وتبنى السادات حديثا نصيحة «الصديق» هنري كيسنجر سياسيا بعيدا عن رؤية العسكريين والسياسيين والقادة العرب.
طالما الأمر مرتبط بهذه السيكلوجية والقدرة في التأثير فيها يصبح الأمر خطيرا بين عقل الحاكم السياسي وعاطفته الدينية.
كيسنجر وزير الخارجية الأميركي الاسبق هو من طلب من المختصين وضع دراسة تبين وضع الإنسان العربي والإنسان الاسرائيلي قبل مجيئه إلى المنطقة، فوضعت له دراسة «السوق والخيمة» المشهورة، وقيل له في العالم العربي اذهب إلى الخيمة مباشرة واقنع الجالس فيها وسيسري القرار على السوق بعد ذلك.
العلاقة بين الواعظ والسلطان علاقة قديمة في تاريخنا وقد ذكر الدكتور علي الوردي في كتابه «وعاظ السلاطين» أن الخليفة الأموي كان بدويا صريحا، يعمل ما يشاء مادامت القوة بيده، وكان يتبع سنة الصحراء التي تقول: إن الحلال ما حل باليد. في حين ان الخليفة العباسي إذا جاءته الموعظة بكى وإذا جاءت السياسة طغى. حتى أن الرشيد كان يغشى عليه من الموعظة وبعد أن يفوق يعمل كل شيء، لا أحاول الإسقاط بهذا ولكن أريد التنبه إلى أهمية المؤسسات ومجالس التشريع التي ستخفف كثيرا من سلطة الواعظ العاطفية، علينا أن نثق بأن الشعوب ستختار ما يناسبها ويناسب عقيدتها وتقاليدها وقد سبق أن طالب أعضاء كثر من مجلس النواب في البحرين بمنع الخمر سابقا، ولو لجأ السادات إلى شعبه وترك حسن ظنه وتأثره بهنري كيسنجر لما انقسمت الأمة مهما كانت صحة القرار الذي اتخذه، يكفي أنه فردي وعاطفي. المؤسسة قلما تفسد كلها، لكن الواعظ قد يفسد ويتملق وما أكثرهم، والمستشار قد يضع مصلحته قبل أي شيء آخر، والبطانة ملتصقة، والالتصاق يدل على التماثل الكلي، لذلك لا مخرج سوى إكرام الواعظ بإسناد دوره للمؤسسة البرلمانية الشعبية، ومن إخراج البطانة ووضع أسس لاستشارة دستورية مكانها تقدم المشورة بشكل علمي بعيدا عن الالتصاق بالسلطان بشكل يحجب عنه وضوح الرؤية المباشرة، التي سيسأل تاريخيا ودينيا عن آثارها ونتائجها.

بقلم : عبدالعزيز الخاطر
copy short url   نسخ
23/08/2016
1380