+ A
A -
قبل أيام اختتم مجلس النواب المغربي، الدورة العادية الأخيرة من عمر ولايته التاسعة (2011/2016)، وهي الولاية التي ارتبطت بمرحلة سياسية جديدة هي مرحلة ما بعد 2011. حيث حاول المغرب تجريب وصفة الإصلاح التدريجي ضمن نفس المنظومة السياسية. وحيث كان على المؤسسات المنتخبة أن تمارس وظيفتها الأصلية في التمثيل. وفي تدبير الطلب الاجتماعي والسياسي المتزايد على العدالة والمشاركة. من خلال ما تكثف في شعار محاربة الفساد والاستبداد.
الأمر إذن كان يتعلق بولاية تأسيسية. بمعنى أن مهمة البرلمان كان ترتبط باستكمال ورش كتابة النصف الثاني من الدستور. والمتمثل أساسا في عدد كبير من القوانين التنظيمية. ذات العلاقة بالبناء المؤسساتي، الذي يشمل مختلف السلطات والهياكل الترابية والسياسية (مجلس الوصاية/ المجلس الأعلى للسلطة القضائية / الحكومة / البرلمان / الجهات/الأحزاب..)، ويفصل في قضايا ذات الصلة بالديمقراطية التشاركية (ملتمسات التشريع /قانون العرائض...)، ويدقق في توزيع الصلاحيات داخل السلطة التنفيذية (قانون التعيين في المناصب العليا )، أو يتعلق بقضايا اجتماعية وثقافية حساسة (الأمازيغية / الإضراب ).
هذا البعد حدد منذ الاطار العام والمنطلق الرئيسي للهوية السياسية والدستورية الواضحة للمنجز التشريعي لهذه الولاية.
من جهة أخرى كانت هذه الولاية هي الأولى في ظل وثيقة دستورية جديدة أعادت بعض التوازن للعلاقة بين البرلمان والحكومة. وعززت من صلاحيات السلطة التشريعية المسؤولية السياسية للحكومة. وفي الميدان الرقابي والتشريعي، فضلا عن منحها صلاحية تقييم السياسات العمومية. وهي الوثيقة التي حاولت كذلك أن تتقدم في إعطاء وضع خاص للمعارضة البرلمانية.
المحدد الثالث لهذه الولاية. بالإضافة إلى سياقها الدستوري الجديد. وطبيعتها التأسيسية. هو الأرضية القانونية الجديدة المتمثلة في النظام الداخلي لمجلس النواب. والذي طالته تغييرات هامة على مستوى هندسة جلسة الأسئلة الشفهية. وعلى مستويات أخرى عديدة.
المحدد الرابع. يرتبط بالسياق العلائقي الجديد للبرلمان، من خلال أثر ما يعرف بالحوارات الوطنية بالاستشارات العمومية على مخرجات للعمل البرلماني. أو من خلال علاقته الجديدة والمعقدة مع هيئات الحكم.
لقد ظل سؤال تنزيل الدستور. حاضرا بقوة خلال كل الولاية، بل كان مهيكلا لكل اللحظات الأساسية منذ الجلسة الأولى التي طرح فيها موضوع الفصل بين السلطة التشريعية والتنفيذية، على ضوء ترشح وزير لرئاسة المجلس. إلى غاية النقاش المطروح الآن حول قانونية انعقاد أشغال اللجان بعد اختتام الدورة التشريعية العادية الأخيرة. مرورا بعدد كبير من النقاشات حول موضوع الشرعية الدستورية.
طبعا هنا لايمكن التطرق إلى هذا السؤال دون استحضار كذلك دور المجلس الدستوري من خلال عدد من قراراته في إضاءة العديد من العتمات المتعلقة مثلا بمسطرة التشريع الجديدة بين المجلسين. أو في تحديد علاقة البرلمان بهيئات الحكم. وهي إحدى المتغيرات الكبرى للمشهد المؤسساتي لما بعد 2011، أو في تفسير مقتضى التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
من حيث العمق. كيف كانت تمثل الفاعلين لمستجدات الوثيقة الدستورية؟ هنا لابد من تقديم بعض الخلاصات السريعة:
أولها. عجز البرلمان عن تحويل آلية رقابية مهمة مثل لجان تقصى الحقائق إلى آلية رقابية عادية.
ثانيا، الفشل في تحقيق قفزة حقيقية في تملك فعلي للمبادرة التشريعية للنواب.
ثالثا. عدم القدرة على إعطاء حضور فعلي لمسألة المكانة الخاصة للمعارضة داخل المجلس.
بقلم : حسن طارق
copy short url   نسخ
19/08/2016
3300