+ A
A -
على مر التاريخ لا شيء كالاستبداد أطاح بروح أمتنا، ونزع مقدراتها، ومكتسباتها الحضارية عنها لتصبح مجرد تاريخ نبكيه، وحضارة نرثيها.
الاستبداد الذي وضعت بذرته في أرضنا قديما لتكبر شجرته وتمتد، وتتغلغل في عروق أمتنا حتى اليوم كأغصان طفيلية تلتف لتخنق آمال ملايين البشر بحياة كريمة، حرة.. بلا استبداد، ولا فساد.
ثلاث سنوات عجاف مرت على مذبحة رابعة احدى اكبر شواهد الاستبداد في العصر الحديث، مذبحة بصيغة عولمية كونها قامت، وأيدت، وسكت عنها بتشجيع، وتعاون من أطراف دولية متعددة مستبدة، يباركها اخطبوط الشر الجاثم على قلب المشرق منذ عقود طويلة، المتمثل في دولة اسرائيل.
هدفها استئصال تلك الجذوة التي كادت أن تضيء مستقبله من جديد بخروجها في مصر الشقيقة الكبرى لبلاد العرب ليعود الاستبداد فيها أشد وطئاً مما كان عليه.
قصة فرعون الطاغية مع بني اسرائيل، وموسى عليه السلام النبي المصلح من أعظم قصص الاستبداد في التاريخ، التي عرفنا بدايتها، ونهايتها نجد أنها أكثر القصص تكرارا في القرآن، يتناولها الذكر الحكيم من جوانب عدة، نستطيع أن نقيس عليها كل وقائع الاستبداد التي مرت على البشرية قديما، وحديثاً، وكأن في هذا التكرار، وهذا التناول الشرح الوافي والعميق لكل عناصر الاستبداد، وأدواته، وأسبابه. وما ذلك إلا كون الاستبداد من أعظم معوقات التقدم البشري، وتدمير الحضارات، وتضييع الثروات، والإفساد في الأرض. وأي افساد اعظم من قتل نفوس بريئة لأنها دافعت عن حقها في الاختيار، والحرية، وأي افساد اكبر من قتل خيرة ابناء الوطن، وحرمانها من عطائهم. وأي جريمة اكبر مما حدث في رابعة مهما برر، وكذب المطبلون، والمشجعون لارتكاب هذه المذبحة، الراقصون على أشلاء اخوانهم، وجثثهم المتفحمة، حيث ما عاد أحد يستطيع أن يزور التاريخ، أو يخفي الحقائق، والوقائع في زمن التوثيق بالأفلام المباشرة، والصور.
رأيناهم حين صلوا وقاموا، حين قتلوا وهم عزل من السلاح، حين لفظوا أنفاسهم الأخيرة، وحين أحرقوا وجرفت أشلاءهم.
كنا معهم نصلي، ونردد شعاراتهم، ونحلم، وكنا عليهم نبكي حين أزهقت أرواحهم.
كل شيء بات موثقاً، لم يبصروه، وان شاهدوه من عميت بصيرتهم، وماتت ضمائرهم، وملأ الحقد قلوبهم.
وفي النهاية نُذكر انه مهما طال ليل المستبد، لابد لفجر الأحرار أن يشرق من جديد، ولا بد ان يدفع الظالم الثمن، ومن أيده، ودفع له، ورقص معه.

بقلم : مها محمد
copy short url   نسخ
16/08/2016
1701