+ A
A -
- 1 -
تحت ضغط قوى المجتمع الدولي، لم يكن أمام المعارضة السودانية، السلمية والمسلحة، سوى التوقيع على خريطة طريق التسوية السياسية في السودان، المُقدَّمة من مجلس السلم الإفريقي، المُمثِّل في رئيس آلية إنهاء النزاعات في السودان، الرئيس الجنوب إفريقي السابق ثامبو إمبيكي.
الجلسات الأولية للتفاوض بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية قطاع الشمال، (أكبر فصيل مسلح في المعارضة السودانية)؛ لا تدعو للتفاؤل وتوقُّع اختراقات إيجابية على الأقل في الوقت القريب.
اللعبة الجديدة القادمة، التي ستتم على ملعب أديس أبابا:
كل طرف سيسعى لاستمالة المجتمع الدولي لجانبه وتحريضه على الآخر.
-2-
الحقيقة التي لا تقبل الجدال، ما حقَّقه الدكتور جون قرنق في مفاوضات جنوب السودان بنيفاشا الكينية، لن يستطيع ياسر عرمان رئيس وفد الحركة في مفاوضات أديس أبابا تحقيق نصفه اليوم لعدة أسباب:
1 - المجتمع الدولي جرب الوقوف إلى جانب المعارضة المسلحة لأكثر من عشرين عاماً، ولم يتحقَّق شيء، لا في الميدان العسكري ولا في المجال السياسي.
2- الحركة الشعبية كانت تعتمد على قوة تأثير اللوبيات الأميركية، اليمينية والسوداء، وهي قوة أصبحت متراجعة وضعيفة التأثير، لأسباب عدَّة.
3- توجد حالة إحباط من تجربة انفصال جنوب السودان، وما ترتَّب عليها من كوارث، فلا يوجد طرف يرغب في إعادة إنتاجها في السودان العريض.
4- ما تحتاجه القوى الدولية من عون وإسناد لعمليات محاربة الإرهاب خاصة في المنطقة الإفريقية في يد الحكومة السودانية لا الحركات المسلحة!
5 - كل تجارب التغيير في المنطقة مردودها لم يكن إيجابياً؛ فليس هنالك ما يستدعي إحداث تغيير من أي نوع، وبأي وسيلة في قطر مثل السودان، يشهد استقراراً نسبياً مقارنة بأغلب دول المنطقة.
-3-
الحركة الشعبية ستلعب بكرتين في مفاوضات أديس أبابا الجارية الآن:
الأول: الاحتفاظ بقواتها العسكرية أثناء الفترة الانتقالية.
الثاني: المناورة بتطوير مشروع الحكم الذاتي إلى حق تقرير مصير.
وستُراهِنُ على احتمالين:
الأول: حدوث تغيير مفاجئ داخل النظام في الخرطوم.
الثاني: انتظار نتائج الانتخابات الأميركية لعلها تحمل مستجدات تجعل الرياح تتحرك لمصلحتها.
-4-
لا يوجد من يدعو لاستمرار النظام في الخرطوم على ما هو عليه.
ولا ينكر أحد وجود أزمات اقتصادية وسياسية خانقة، مترتبة على استمرار الحرب في عدة جبهات.
هذا يفسر انطلاق دعوات الإصلاح من داخل النظام؛ لأنه أصبح على قناعة باستحالة استمرار الأوضاع على ما عليه الحال من استقرار نسبي، لكنه قابل للانفجار.
وفي ذلك اعتراف بالأزمة، وتأكيد على ضرورة الوصول لتسوية سياسية شاملة، تتعامل مع مسببات العلل لا مظاهرها، عبر برنامج إصلاحي على جميع المستويات: السياسية والاقتصادية والاجتماعية، على المدى الرأسي والأفقي؛ وإصلاح متدرج ومستمر يبطل دعاوى العنف في خطاب المعارضين ومبررات القهر والاستبداد في الخط السياسي للحكومة، إصلاح يقدم حلولاً للأزمات تُنهي حالة الاستقطاب وتؤسس لثقافة قبول الآخر وتنظيف الملعب السياسي من الأسلحة الصدئة.
فلا يكون هنالك من ينادي بضرورة هدم المعبد وإشاعة الفوضى من أجل إعادة البناء والتعمير.
فالسودان وفق عدة معطيات ليس بعيدا عن سيناريوهات الفوضى الماثلة الآن في النموذج السوري واليمني والليبي.
فالإصلاح لا يتم إلا في وجود سلطة مركزية قوية ومتماسكة مسيطرة على أدوات ممارسة العنف.
-أخيراً-
يرى كثيرٌ من المراقبين منهم الدبلوماسي السوداني القدير خالد موسى دفع الله: (إذا انهارت سلطة الرئيس البشير لن تكون الأحزاب السياسية هي البديل بل المليشيات المسلحة، لأنها تملك القوة والسلاح، كما تملك نعرات الغبن الجهوي والاجتماعي والسياسي، ولا توجد فتنة أسوأ من تحالف السلاح والغبن دون رؤية سياسية أو قيادة حكيمة).
ضياءالدين بلال
copy short url   نسخ
14/08/2016
2762