+ A
A -
بعد هدوء دام عقدين، بدأت تلوح بوادر تمرد في كردستان الإيرانية. ورغم محدودية المواجهات بين الحرس الثوري الإيراني والمتمردين الاكراد ولاسيما قرب الحدود العراقية، فإن مجرد حدوثها بعد فترة من الصمت طويلة تطرح التساؤلات عما اذا كان أكراد إيران يراودهم حلم الصحوة الكردية والطموح إلى الحكم الذاتي كما جرى في كردستان العراق وكما يجري الاعداد له في المناطق الكردية السورية؟
وهل هذه الصحوة جزء من تلاقي مصالح ومعطيات وظروف لإعطاء الاكراد الكيان المستقل الذي يطمحون إليه أم جزء من خطة منسقة خارجيا لإغراق إيران بمشكلات داخلية لإشغالها عن تطلعاتها الاقليمية؟
وتسري تكهنات بأن قوى خارجية تشجع سرا المتمردين الاكراد الإيرانيين من اجل اشغال إيران واضعاف نفوذها المتمادي في الاقليم.
لكن البعض يرفض هذه النظرية ويعتقد ان الاحزاب الكردية في إيران تحاول عبر مناوشاتها العسكرية فرض نفسها كجزء من ذلك الكيان الكردي الكبير المؤيد للغرب والمعادي لإيران من اجل الحصول على نصيب من الدعم المالي الذي تقدمه الولايات المتحدة للاكراد في سوريا والعراق.
أيا يكن الأمر، فإن ما يجري يقلق طهران من مغبة تصاعد الهجمات العسكرية التي ينفذها الاكراد لاسيما أن الحراك الكردي الجديد يبدو جماعيا ويطاول مجموعات وفصائل كردية مختلفة من جهة، ويأتي متأثرا بمزاج دولي تتفق فيه موسكو وواشنطن على دعم الأكراد في المنطقة من جهة اخرى.
طهران تجد نفسها في مثل هذه المواجهات مورّطة بين ما يقتضيه واجب الدعاية لجهوزية تشكيلاتها المسلحة ضد أي خطر داخلي أو خارجي يتهدد وحدتها الترابية، وبين ضرورة أن تمر مثل هذه الأحداث بأقل صخب إعلامي ممكن حتى لا تستقر في أذهان الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي أن إيران لا تختلف في شيء عن باقي دول المنطقة التي تتأجج فيها النزعات الانفصالية الكردية، وأن هذه الدولة المحكومة بقبضة حديد وتوجد فيها قضية حقوق كردية مضطهدة بقوة السلاح.
لاشك في أن إيران تحسب جيدا لهذه القوة الكردية الاجتماعية الظاهرة بين مكوناتها العرقية والدينية، وهي تبني سياساتها تجاههم على أساس أنهم يشكلون قنبلة موقوتة جاهزة للانفجار بوجهها في أي وقت تماما مثلما يحصل اليوم في وتركيا وسوريا ولاسيما في العراق حيث لا يخفي مسعود البارزاني هدفه الأسمى بتحقيق دولة كردستان الكبرى هذا طبعا بعد إعلان دولة كردستان العراق لتكون قاطرة لهذه الوحدة الكردية الإقليمية.
وتعمل إيران على عزل الحراك الكردي عن حراك الأقليات الأخرى الناشطة من أهوازيين وبلوش وآذاريين، ذلك أن قضية القوميات متعددة ومعقّدة في إيران، بحيث أن التسامح مع المطالب الكردية سيفتح الباب واسعا أمام مطالب القوميات الأخرى.
ولا تتردد الأدبيات الإيرانية الرسمية في اعتبار حراك القوميات مؤامرة دولية ضد «الثورة» في إيران، ما يعرّض الناشطين إلى اتهامات بالخيانة العظمى يّرد عليها بأقصى العقوبات تصل إلى حد الإعدام.
كما تمثل مسألة مواجهة الحراك الكردي قاسما مشتركا لطالما عبر عنه مسؤولو النظامين في تركيا وإيران برفضهما الشديد لإقامة كيان كردي شمال سوريا شبيه بكردستان العراق.
صافرة البداية لأكراد إيران يبدو انها أطلقت.
لكن الوضع في إيران ليس مماثلا للوضعين العراقي والسوري اللذين ساهم تفككهما في سماع صدى صافرتي أكراد العراق وسوريا داخل حدود الدولتين وخارجهما!
أمين قمورية
copy short url   نسخ
10/08/2016
2021