+ A
A -
لا تقتصر الفوضى على المكان والأشياء فقد تكون الفوضى في دواخلنا أشدُ وقعاً وأشد أثرا. ولأننا في عصر اعتدنا فيه الضجيج، قد لا نلحظ كم الفوضى التي نعيشها ونعتاش عليها، ويعتاش الآخرون عليها.
فوضى باتت تغزو أغلب البيوتات في مجتمعاتنا وتشكل أسلوب حياتهم رغم توفر كل التفاصيل الدقيقة البراقة التي تساعدناعلى تنظيم حياتنا، لكن طغيان الاستهلاك والحياة المادية، ووسائل التواصل الاجتماعي على واقعنا افقد حياتنا الكثير من الجدية... الجدية في الرؤية، والهدف الذي نعيش لأجله والعمل. ربما منذ اول يوم تتشكل فيه نواة اغلب الأسر في مجتمعنا حيث نغرق في فوضى رموز ما يعتبر احتفالاً بتدشين أسرة جديده طبقاً لما اصطلح عليه المجتمع في هذا الجانب مع مواكبة ما جد وتطور وتضخم شكلاً وعددا لتأدية هذا الاستعراض الذي أصبح مكرراً رتيباً مع ما يترتب عليه من إنفاق مادي يصل حد السفاهة والخبل عند البعض،و حد الاستغلال الفاحش من قبل المنفذين المنتفعين .
انه نوع من الفوضى لأننا حقيقة نخترق بما ننفقه ونستهلكه ونجهز له في يوم واحد حدود العقلانية والمنطق التي تكبل شاباً ما مقبل على الزواج مادياً لسنوات عديدة لا يُعلم ما قد يحدث فيها بقروض كافية لشل حركته، والعجيب اننا ننفق ثمن الذهب على التراب، وثمن الحقيقة على الوهم.
وتأتي وسائل التواصل الاجتماعي التي باتت تكبر ككرة الثلج لتغرقنا في مزيد من الفوضى وكأن الأمر كان ينقصنا قبل ذلك، فوضى الكماليات والاستهلاك الزائد، فوضى الرفاهية والتمتع حد الثماله، فوضى التفلت الأخلاقي الذي بات ينتشر كالهشيم في النار.
و الصادم ان ذلك يشجعه، ويسوق له بعض شخصيات السوشيال ميديا الذين أصبحوا النموذج والملهم لشبابنا،ولنلحظ كم الحفاوة بهم من قبل معجبيهم الذين يعيشون معهم ليل نهار، و مع كل رشفة قهوة يرتشفونها، وكل لقمة يبتلعونها، بينما تبتلعنا نحن حمى الاستهلاك والجري خلف الملذات وتحولنا لأشخاص لا يعرفون من الحياة سوى قشورها وأوهامها، أشخاص يتخبطون في فوضى حواسهم.
هذا الصيف من بين سباق الكثير من الفاشينستتات في السناب شات على السفر لأوروبا، واستعراض مالذ فيها وطاب نجد نوع جديد من الفوضى باتت تهدد اخلاقيات مجتمعاتنا الخليجية بشكل صريح يتمثل في تشجيع السفر السياحي بغير محرم،بل والسفر برفقة صديق وتصوير ذلك على أنه امر مقبول لا خطأ فيه ولا حرمه، في حين اننا نعلم جيداً وكما ذكرنا في مقالات سابقة وطبقاً لنتائج، واحصائيات من جميع مختلف دول العالم ان الاختلاط المفتوح في عمومه له الكثير من السلبيات، ويتسبب في الكثير من الفوضى الأخلاقية التي يترتب عليها مشاكل اجتماعيه واقتصادية أيضا. ولا شك ان مثل هذه الرسائل لجيل اليوم تعتبر رسائل خطيرة تضاعف الفوضى الفكرية،والثقافية، والأخلاقية التي يعيشها أصلاً والتي بتنا نحصد نتائجها مشكلات في الهوية،والذات، والرؤيا والأخلاق، والسلوك في النهاية لم يعد أمامنا إلا الوقوف في وجه المزيد من الفوضى وإلا غرقنا في المزيد من المشكلات .
بقلم : مها محمد
copy short url   نسخ
09/08/2016
2082