+ A
A -
هل حدقت في بئر؟..، بئر كبيرة جدا وأنت.. صغير، بئر لا تعرف عمقها، لا أحد يعرف.. ولا يُناقش هذا الأمر، معلومة مجهولة لقلة التداول، إذ أنها بشكل أو بآخر سوف تجرح كبريائي بئرهم..، بئرهم التي يعرفون فقط أن عمقها لا نهاية له، يشاع أنها تزداد عمقا، مثل شجرة، مثل جذر شجرة. البئر الوحيدة التي لا تنضب عليها أن تكون بعمق غير محسوب. وفي مرات الجفاف الروتينية لم تكن بحاجة إلى صلاة كي تمدهم بالماء، لا تنضب، يُظن أن لها طريقا إلى نهر بعيد في آخر الدنيا، وأن هذا هو السبب.. الآن هل حدقت في هذه البئر في اللحظة التي قفز فيها والدك، في فمها مباشرة.. فمها الأسود، الواسع، الغولي. قفز من أجل تأكيد سمعته، السمعة التي تخص قدرته على البقاء تحت الماء مثل شيء دون رئة، مثل نبات. هل حدقت لأنك خائف، ومعك العشرات من الذين يحدقون لسبب آخر مختلف، سبب يخص عطشهم للتشويق مهما كانت النتائج.. الآن، وأنت تحدق، ووالدك يقفز بملابسه القليلة غير المخصصة للسباحة، ويختفي، وتلك الدوائر التي تشكلت في الماء الأسود الرائب اختفت، والتأم الماء تماما مكان الجرح الذي خلفه والدك، وعادت إلى سكينتها الأزلية، كأنها نسيت أنها ابتلعت الرجل الطويل الأسمر الذي يخص طفلا يحدق من على الحافة، مع مجموعة مهتمة بالتشويق ومساندة السمعة لبطل أراد أن يخترع مجالا جديدا للمنافسة، وتسلية...، وأنت تحدق ولا تعرف شيئا عن المهارة، وتعرف أشياء قليلة عن الموت، لكن الأمر الذي لا يمكن لأحد منافستك فيه هو الخوف، لو كانت مملكة الخوف على تلك الحافة، كان الجميع سينادي عليك: يا ملك. تحدق ومتيبس وأصفر مثل ورقة، ولم يتم تطمينك لأي سبب، ولا بأي طريقة، هناك وقت قليل، لذا خصصه الجميع للتشويق، وآخر ما يفكرون فيه هو تبذيره في العطف عليك.. انتظرت مثل البقية، مثل البقية من الخارج، لكن في داخلك ترتجف مثل جلد بقرة لامسها ذباب، الآن، ولأنه لابد أن يكون هناك نهاية لأي تحديق، كنت تود أن ينتهي تحديقك حتى لو على جثة، المهم أن ينتهي هذا الدهر الطويل من الرعب... ثم تشير عشرات الأصابع على نقطة لحمية صغيرة قادمة من الأسفل، جسم يكبر وهو يرتفع، يجرف الماء إلى الأسفل بضربات سريعة ويقفز إلى الأعلى مثل ضفدع طويل وأزرق، ويخرج في النهاية، يندفع إلى خارج الماء بكامل جسده تقريبا، يأكل الهواء الذي اشتاق له، ويحاول اللحاق بصرخات الإعجاب والاعتراف، هل حدقت في كل هذا، وانصرفت مثل البقية وأنت تعرف أنك غرقت في تلك البئر إلى الأبد؟!
بقلم : ضيف فهد
copy short url   نسخ
07/08/2016
2110