+ A
A -
- 1 -
حينما أغلق المبعوث الأميركي للسودان (دونالد بوث) الباب على المعارضة السودانية- السلمية والحاملة للسلاح- في أحد فنادق باريس، وقال قولته تلك، وضح للجميع عزم الإدارة الأميركية على إنهاء بؤر الحرب والصراع في السودان.
المبعوث كان قد زجر جميع قيادات المُعارضة، في ذلك الاجتماع، بلُغة حاسمة قائلاً: (فشلنا في لمِّ شملكم، وهذا آخر اجتماع نساعد في تنظيمه، كما أن الحكومة السودانية اتخذت خطوة مُهمَّة بالتوقيع على خريطة الطريق). وأغلق الرجل تهديده ذلك بالقول: (عليكم أن تذهبوا الآن، وتبحثوا عن إمبيكي أينما كان، للتوقيع على خريطة الطريق).
- 2 -

بعد أقل من شهر على ذلك التهديد الصريح والمباشر، لم يعد أمام المعارضة السودانية سوى الامتثال للرغبة الأميركية.
نعم، وضح للمعارضة السودانية أن المُجتمع الدولي في هذه المرَّة حريصٌ على إنهاء بؤر الحرب والنزاع المُتعدِّدة في السودان، وإغلاق الباب أمام أيِّ مسعىً لخلق حالة اضطراب في هذا الوطن ذي التأثير البالغ على الأوضاع في المنطقة العربية والإفريقية.
الآن في أولويات القوى الدولية مشاريع مكافحة الإرهاب، ومنع تدفقات المهاجرين إلى الدول الغربية، مقدمةٌ على أي قضايا أخرى.
الاستراتيجية الجديدة لتعامل الدول الغربية مع الملف السوداني، ضيَّقت هامش المناورات للحركات الحاملة للسلاح التي كانت تُريد عبر السلاح فرض واقع سياسي جديد على أنقاض حكومة الرئيس البشير.
- 3 -

في اجتماعها الأخير بباريس، وافقت المعارضة على التوقيع على خريطة الطريق التي وضعها رئيس الآلية الإفريقية ثامبو إمبيكي والتي رفضتها من قبل وأصرت على تعديلها أو إضافة ملحق لها.
على إثر تلك الموافقة، ستبدأ في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا يوم الثلاثاء المقبل اجتماعات قوى نداء السودان مع الآلية الإفريقية برئاسة ثامبو إمبيكي للتوقيع على خريطة الطريق التي اتفق عليها الجانبان.
القوى المعارضة التي ستوقع على خريطة الطريق هي:
(حزب الأمة القومي والحركة الشعبية قطاع الشمال وحركة العدل والمساواة جناح جبريل إبراهيم وتحرير السودان جناح أركو مناوي بالإضافة للمؤتمر السوداني).

- -4
توجد قوى معارضة أخرى يسارية، لا تزال ترفض التوقيع وتتمسك بخيار إسقاط الحكومة السودانية، وترى في التوقيع على الخريطة الإفريقية المدعومة دولياً دعماً لمسيرة الحاكمين الإسلاميين في البقاء لفترة أطول في السلطة التي وصلوا إليها قبل سبعة وعشرين عاماً.
الحزب الحاكم في الخرطوم سعيد بهذه التطورات، لأنها جعلت قوى المعارضة تحت ضغط المجتمع الدولي إلى أن استجابت للتوقيع، كما أنها ستسهم في انقسام المعارضين.
المهندس إبراهيم محمود حامد مساعد رئيس الحزب الحاكم، لم يخفِ سروره، حيث قال إنه بمجرد توقيع المعارضة على خريطة الطريق، سنجتمع لوقف العدائيات وإعلان إيقاف إطلاق نار شامل.
- 5 -
رغم أن هذه التطورات ستسهم- إلى حد كبير- في الاقتراب من مشروع التسوية السلمية بين أطراف الصراع السوداني؛ ولكن من غير المستبعد أن تكون العقبات الكبرى في التفاصيل حيث منازل الشياطين.
أهم عقبة ستواجه مشروع التسوية السوداني، هي تمسك الحركات المسلحة- وفي مقدمتها الحركة الشعبية قطاع الشمال- بقواتها المسلحة مثل ما حدث في اتفاق نيفاشا مع جنوب السودان قبل الانفصال، حيث قال الأمين العام للحركة الشعبية ياسر عرمان إن الحركة لن تقوم بتسليم بندقية الجيش الشعبي للنظام الحاكم وستجدد مطالبها التي أعلنتها في أكثر من (14) جولة من المفاوضات مع الحكومة ببناء جيش وطني جديد.
-أخيراً-
أسوأ احتمال، أن يتم مشروع التسوية على الورق، وتنتقل الحرب إلى مرحلة التنفيذ، فيحدث مثل ما حدث في اتفاقية نيفاشا التي جاءت لتوقف حرباً واحدة، فأشعلت حربين، وانقسم السودان لدولتين غير مستقرتين!
ضياءالدين بلال
copy short url   نسخ
07/08/2016
2032