+ A
A -
سوريا، والعراق ليس كمثلهم في العالم شيء، يبسط الموت ذراعيه هناك صباح، مساء، الموتى أرقام، وصور تعرض في كل وسائل التواصل والإعلام، بقايا جثث تحت الأنقاض، أو قضت بانفجار ما.. ربما كان اسمه محمد أو عمر، وربما كان أسمها أسماء، أو كريمة لا أحد يأبه لذلك!!
فقط أحباؤهم من يعرفون، فقط أحباؤهم من صرخوا ألماً لفقدهم حتى تقطعت أصواتهم، وبكوا حتى جف الدمع من عيونهم، أحباؤهم البسطاء الذين ينتمون أيضاً لهذه الشعوب التي طحنت تحت جنون القوى، وصراعها.
عجباً كيف لم تعد تحرك هذه الصورة الموجعة التي تأتينا من هناك الضمير العالمي، وكأنها جزء من فيلم موتاه ممثلون ما يلبث أن يقوموا أحياء يسيرون على بسط حمراء، تتابع وسائل الإعلام أناقتهم، وحياتهم المترفة وغير المترفة.. المؤلم أنهم حقيقيون ربما أكثر منا، لم يخرجوا فجأة إلى هذه الدنيا، وكانوا يملؤون فراغاً فيها، ولدوا ثم ترعرعوا، ثم كبروا، وتزوجوا، وانجبوا أطفالاً كي يملؤوا بهم الحياة، كانت لهم حاجاتهم، وأمنياتهم، وعطاؤهم، وكرامتهم.
رحل الكبار، والصغار، واستوطن البوم انقاضاً كانت تعج بالحياة، ولم يحرك العالم رغم كل هذا طرف ضميره، وكأن الكرة الأرضية بكل ما فيها من منظمات حقوقية، ودول ديمقراطية باتت لا تبالي، وعلى المتضرر أن يأخذ حقه.
ثم يعودون بغباء ليحاربوا الإرهاب الذي صنعوه، والشر الذي انتجوه.
يستمر الطيران الروسي مثلاً بكل غطرسته في قصف الأبرياء وحصد الأطفال كالعصافير، وبأي عذر لا فرق إن كان مقنعاً، حقيقياً أم لا مادام هذا العالم المغرور المجنون بقوته يجد في ذلك فرصة لتجربة آخر ما انتجته مختبراته المتقدمة من سلاح متطور، فتاك الأمر الذي لا بأس منه كما فعلت شبيهتها أميركا في العراق.. العراق الذي يتعرض لتطهير طائفي منذ سقوط بغداد في يد الأميركان إلى الآن، حيث التهجير، والإذلال والتشريد، وما بين تركهم فريسة للأمراض الفتاكة، لأن كل شيء في الكثير من مناطق العراق بات ملوثاً...الهواء، والماء، والغذاء وحتى البنزين.
أما يحدث في مصر من انهيار لكل شيء يجعلنا نبكي على كتف التاريخ حزناً على هذه الشقيقة الكبرى، وما دمر العسكر فيها.
عزيزي القارئ إن كنت مسلماً عالماً بعظمة الله عز وجل وعدله، وقدرته، وبغضه للظلم والظالمين هل تعتقد أن ما يحدث سيذهب هباء؟ هل تعتقد أن صرخات كل أولئك المظلومين لن تصل إلى السماء؟، وهل تعتقد أن البشرية بعد كل هذا لن تدفع الثمن؟
العدل الإلهي وسنة الله عز وجل في أرضه تقضي بأن الظالم ومن سكت عن الظلم لا بد أن يدفعا الثمن مهما تقادمت الجريمة، وإن لفها النسيان البشري وعفا عليها الزمن.
ومهما طغى الإنسان واستكبر، سيأتي ذلك اليوم الذي يغرق فيه، كما غرق فرعون مع جنوده.

بقلم : مها محمد
copy short url   نسخ
26/07/2016
1943