+ A
A -
غريمان وكرسي رئاسي، وراء كل هذا الذي يحدث في دولة جنوب السودان.
سلفاكير ميارديت، ود. رياك مشار.
التاريخ لن يرحم.
هما معا وراء كل هذا الدم المسفوح والمتخثر.. وراء كل هذا الفرار إلى الأحراش، وماوراء الحدود.. وراء فشل دولة جاءت إليهم على طبق من استفتاء على تقرير المصير.
الجنوبيون، أولئك الذين صوتوا لصالح الانفصال، هل كان يمكن أن يصوتوا هكذا، لو مدوا أعينهم قليلا في أفق المصير، والجنوب قبائل لا تزال في دمها تلك النتانة: نتانة التعصب إلى القبلية!
ها هم الآن، يبكون مر البكاء، وهم يمرون بواحدة من أشرس العداوات، وأشرس النيران.. ولا يمكن تصور ضراوة الثأرات، إلا إذا ما فهمنا أنها امتدت حتى إلى الثأر بالأبقار: قبيلة النوير التي ينتمي لها د. مشار تفقأ عيون أبقار الدينكا.. والدينكا التي ينتمي إليها سلفاكير تفقأ عيون أبقار الشلك!
يا للأبقار المسكينة، مفقوءة الأعين. سلفا ومشار، أي منهما ثوران هائجان. ثوران أعميان، والدولة الوليدة، مجرد مستودع خزف!
سلفا، في جوبا. طويل، ونحيف.. على رأسه قبعة، وفي كل بوصة فيه، كل أحقاد القبيلة على قبيلة.
رياك مشار، بوجهه المستدير، والفلجة في أسنانه العلوية، ورأسه الحافي، لم يعد يضحك كثيرا. صار يكثر من التلفت، حذر الاغتيال، وهو في مخبأ ما، ربما في أحراش قبيلته، أو في كينيا المجاورة.
لا الحقد يمكن أن يعيد الأمور إلى ما كانت عليه، يوم كان سلفا رئيسا ومشار نائبه، ولا التلفت حذر الموت، ولا الوسطاء الأفارقة، ولا الوسطاء من ذوي البشرة البيضاء
حين ينبجس الدم.. يفور الدم.. وحين يفور يصير أنهارا، خاصة في زمن العصبية.. إنها متجلطة.. ومتخثرة.. وما أفظع رائحة الدم المتجلط..
هذا الدم هو الذي يحرض بالثأرات.. والمزيد من الثأرات. أظن أنني قلتُ، إن ما يحدث في الجنوب الآن، سيحدث لوقت، هو بمقياس قامة الرجال، أطول بكثير من قامة سلفاكير.. وبمقياس التلفت، أكثر بكثير من تلفت رياك مشار.. الرجل الذي ما عاد يضحك كثيرا، ليغري فتيات قبيلة النوير، بفلجته الشهيرة.

بقلم : هاشم كرار
copy short url   نسخ
26/07/2016
894