+ A
A -
يبدو أن «الشيخ» لم يحضر صلاة العصر اليوم، لا أكاد أراه من بين المصلين، لا حاجة إذن لدرس اليوم طالما انه لم يحضر، حتى بطانته القريبة منه لا أرى أحدا منها، سيذهب درسي أدراج الرياح، سأعود مجلسه في المساء، من الضروري جدا أن لا أغيب عن ناظريه كثيرا، حيث إنه يأنس لدرسي اليومي، وأرجو ان يستمر ذلك حتى أتمكن من تحقيق رغبتي في الاستقرار في هذا البلد المضياف، لم اكن أتصور سرعة الاندماج فيه بمجرد أن ارتدي الزي الديني، الدين له مكانة قصوى في ضمير هذا المجتمع، عندما قدمت قبل سنوات لم أكن لأرى دعاة من اهل البلد، حيث كان توزيعنا على المساجد عن طريق إدارة يرأسها أحد الدعاة من «بلدياتي» في مصر، ومعظم من يتم استجلابهم من نفس المنطقة التي انتمي إليها في جمهورية مصر العربية.
الآن تغير الوضع أرى دعاة من جميع أنحاء العالم العربي من المغرب العربي ومن السعودية كذلك، كما أن المجتمع بدأ يفرز دعاته من داخله، سمعت عن استغناءات بالجملة عن كثير من الدعاة، وأنا لم أرتب أوضاعي بعد، مع قربي من الشيخ، غيري قد أصبح في مأمن بعد حصوله على الجنسية ودخوله مجال الاعمال، والبعض الآخر أصبح خبيرا دينيا لدى مؤسسات المال وارتبط بعروة وثقى لا انفصام لها، لابد أن أجد لنفسي طريقة دينية للتأقلم مع تطور المجتمع الاقتصادي، لا يكفي أن اكون واعظا فقط بعد أن كثر الوعاظ هل ثمة شركة أو بنك إسلامي أو مؤسسة خيرية إسلامية؟، لعل اقربها إلى تخصصي هي المؤسسات الخيرية الإسلامية، سمعت عن وظيفة خبير استراتيجي في إحدى الهيئات الخيرية، تقدمت إليها مع عدم إدراكي لمفهوم الاستراتيجية ذاتها لكنني في حالة فوزي بالوظيفة، سأحملها على المفهوم الإسلامي، ومع ذلك سمعت أنه تم اختيار أحد مشايخ القنوات الفضائية ذي الشعبية الطاغية.
لم يظهر اسمي لحسن الحظ في قائمة المستغنى عنهم هذا العام، إلا أنني أخشى من قائمة العام القادم، حيث ان وضعي هش، ليس لي سوى درس ما بعد صلاة العصر في مسجد الشيخ، وراتب الداعية وهو عرضة دائما لضغوطات الموازنة للدوله، لن يخلصني من هذا الضغط سوى حصولي على الجنسية، لا ادري من ادخل فكرة الحصول على الجنسية في ذهني، حتى بدت شغلي الشاغل، ربما علىَ أن أطور نفسي لأصبح نجما من نجوم «تويتر» أو الفيس بوك، حيث أصبح البعض نجوما تتلألأ في سماء وسائل الاتصال، والطلب عليهم أكثر من نجوم هوليوود، ربما أضعت وقتي جريا وراء الشيخ ونسيت رب الشيخ المطلع على الأفئدة، ربما أخذتني الدنيا عن حقيقة الدين، ربما أخذتني حمى الذهاب إلى الخليج التي كانت مستعرة فيما سبق، وأحلام الثروة السريعة، لم يعد في العمر بقية أستثمرها من اجل الدنيا، أحس بندم على كل درس وجهته للمصلين وكان الهدف من وراءه إرضاء الشيخ والتقرب منه.
أشعر بعدم رضا عن النفس على كل موعظة قلتها بلساني ولم يستوطنها قلبي، لعله ندم الكهل بعد ضياع الشباب ولكن ما يجعله مؤلما هو أن موضوعه كان استغلال الدين جريا وراء شهوات الدنيا.
عبدالعزيز الخاطر
copy short url   نسخ
20/07/2016
1247