+ A
A -
يروي ابن القيِّم في كتابه القيِّم «مفتاح دار السعادة»، أنَّ ابن عبَّاس قال: قالتْ الشياطين لإبليس: ما لنا نراك تفرحُ بموتِ العَالِمِ ما لا تفرح بموتِ العَابِد؟
قال: انطلقوا معي!
فأتوا على عبدٍ في عبادته، فقالَ له إبليس: هل يقدرُ ربك أن يجعلَ الدُنيا في جوفِ بيضة؟
فقال: لا أدري!
فقالَ إبليس: أترونه كفرَ في ساعة؟!
ثم جاؤواً إلى عَالِمٍ في حلقته يُضاحكُ أصحابه ويُحدِّثهم.
فقالوا: إنا نريد أن نسألكَ.
فقال: سلوا ما بدا لكم!
فقالَ له إبليس: هل يقدرُ ربك أن يجعلَ الدُنيا في جوفِ بيضة!
قال: نعم!
قالوا: كيف؟
قال: يقولُ لها كُوني فتكون!
فقالَ إبليس للشياطين: أترون، ذلك لا يعدو نفسه، وهذا يُفسِدُ عليَّ خلقاً كثيراً!
الأُمَّةُ محفوظةٌ بعلمائها، فَهُم درعها الحصين، وجبلها الراسخ، خُذْ عندكَ مثلاً فتنة المعتزلة، وبدعتهم الشهيرة مسألة خلقِ القُرآن، وما زادَ الطينُ بلةً أنَّ عقيدةَ الاعتزالِ وصلتْ إلى أهلِ الحُكم، فكان المأمون والمُعتصم من دُعاتِها، وحملوا عليها النَّاس بالإكراه، فقيَّدَ اللهُ تعالى أحمد بن حنبلٍ ليحفظ به عقيدة المُسلمين!
ثبات رجلٍ واحدٍ، وقفَ في المناظرةِ كأنه جبل، واستحملَ الجلدَ بالسوط، هو الذي حَمَى هذا الدِّين!
ليسَ تقليلاً من قيمةِ العِبادةِ والعُبَّاد، ولكن العابِد فرد والعالِم أُمَّة!
وصلاحُ الفردِ أو فساده لا يتعدَّى نفسه والدائرة الضيقة المُحيطة به، أما صلاح العلماء وفسادهم فيترتبُ عليه صلاح الناسِ وفسادهم، لأنَّ الناس إنَّما يقتدون بهم، وينظرون إلى ما يفعلون، فإن أمسكوا، أمسكوا معهم، وإن خاضوا، خاضوا معهم!
عدلُ عِمر بن عبدِ العزيز الذي نَعِمَ به المسلمون في ميزانِ عَالِمٍ هو رجاء بن حيوة، أشارَ به على الخليفة، وثبَّتَه في الحُكم!
ورحيلُ التترِ عن بلادِ المُسلمين في ميزانِ عَالِمٍ هو العز بن عبد السلام، وقفَ موقفَ حقٍّ، وقالَ كلمةَ حق!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
18/01/2022
2388