+ A
A -
عبد الله رضوان
عبد الله رضوان
كاتب تركي
بينما كانت رياح الأموال الساخنة تعصف بالليرة التركية وتهوي بها ككرة ثلج متدحرجة حتى وصلت إلى مستوى 18,5، كان سادة الربا قد اجتمعوا ليحتفلوا بسقوط الليرة والتي تمهد لزعزعة ثقة الناخب والشارع التركي بالرئيس أردوغان، نعم فقد أعلنوها حرباً اقتصادية على تركيا حتى تعود إلى حظيرة الطاعة لأوامرالخارج ومافيا الربا في الداخل فتركيا التي تقف على أعتاب 2022 تدب الرعب في قلوبهم بما تمتلكه من ملفات على الصعيد السياسي الإقليمي والدولي وبما حققته من إنجازات على كل الأصعدة، نعم لقد تلاقت مصالح الخارج مع لوبيات الفائدة والثراء الفاحش فتعاقدوا على تحطيم تركيا وحرب أردوغان الذي كان يعيق مشروعهم، وكيف لا يكرهون أردوغان وهو من يقود حرب الاستقلال الثانية وذلك بالوقوف في وجه سرطان الربا الذي يفتك في جسد الأمة ويجعل من تركيا رهينة لقرارات الخارج.
وفي هذا يقول السيد أردوغان «لن أترك هذه الدولة فريسة للذين يطلقون النار عليها، إنني أخوض صراعاً خططوا له منذ (200) سنة ولن أتراجع عن هذا الصراع حتى تحقيق النصر المبين»..
نعم لقد كان يدرك حجم المؤمرات التي تحاك ضد تركيا ولكنه بالمقابل كان يستمد العون والمدد من الله في حربه ضد هذا الوباء الذي حطم الكثير من العائلات.
كان أعداء تركيا يعتقدون أن ما ثبت فشله في انقلاب (15) من يوليو العسكري الخشن سينجح في الانقلاب المالي الناعم. وما علم أولئك أو تناسوا أنهم أمام لاعب كرة قدم اسمه رجب طيب أردوغان، كان ذات يوم قلب الهجوم في فريقه واليوم هو قلب الهجوم في فريق شعبه الذي يبلغ تعداده (83) مليونا.
لقد بلغ مكرهم الذي تزول منه الجبال مبلغاً عظيماً، فلوبي الفائدة يوجه ضرباته إلى الليرة التركية التي أخذت تترنح تحت وطأة المضاربات، بينما كانت المعارضة تحاول جعل الشارع التركي أكثر سخونة ومطالبات ملحة من قبلها بالنزول إلى الميادين احتجاجاً على انخفاض سعر الليرة التركية والشروع في انتخابات مبكرة وعدم انتظار موعدها في (يونيو 2023)، مع ملاحظة أن أحد أبرز أقطاب المعارضة قد قام بزيارة السفارة الأميركية أربع مرات في شهر واحد، ولم يكن تنظيم PKK بعيداً عن هذه الأحداث حيث كانت قنواته الإعلامية تبشر بقرب انفجار بركان اقتصادي وتحول في المعادلات السياسية على صعيد المشهد التركي، في وسط هذا الجو الملبد بغيوم المؤامرات، يخرج السيد أردوغان في خطاب متلفز ليقلب الطاولة على الجميع وليسجل هدفه في مرمى من أرادوا شرا بتركيا ولتنتعش الليرة التركية وتستقر على 13 بينما كانت قد بلغت 18,40، كانت الصدمة أكبر من أن تحتويها عقولهم، فتلك الصحفية في إحدى المحطات التليفزيونية المناهضة لأردوغان قد عقد لسانها من الدهشة وهي تنظر إلى سعر صرف الليرة وتقول: إن هناك خطأ ما قد حصل، كيف ترتفع الليرة التركية هكذا ؟! ففي أقل من نصف ساعة بعد خطاب أردوغان انتعشت الليرة وحققت إنجازات هائلة حتى وصلت إلى سعر 12.
لقد قدم أردوغان في خطابه أوراقاً كثيرةً لتعزيز الثقة بالاقتصاد التركي عبر آليات تحمي الليرة التركية ومما زاد الثقة بالاقتصاد هي كمية الذهب الموجودة بين أيدي الناس في تركيا حيث بلغت 5000 طن ولمن لا يعرف فإن هذه الكمية تساوي (280) مليار دولار، ونصف احتياطي الذهب في أميركا. وإذا ما دخل هذا المعدن الثمين الخامد تحت الوسائد حركة السوق فإنه سيحدث ثورة اقتصادية حقيقية.
ولم تمض ساعة حتى تم تحويل ملياري دولار إلى العملة التركية في مشهد جعل علماء وخبراء الاقتصاد في حيرة من أمرهم حتى أن أحد خبراء المال الإنجليز صرح بأنه لم ير مثل هذا الأمر من قبل.
نعم.. لقد كانت ليلة مفصلية في حياة الأتراك لا تقل أهمية عن ليلة (15) من يوليو، وسيبقى خطاب أردوغان في تلك الليلة سابقة اقتصادية تدرس في علوم الاقتصاد وذلك بحنكته وحنكة الفريق الاقتصادي الذي يساعده وعلى رأسهم كبير المستشارين الاقتصاديين د. جميل إرتيم.
وأما لأولئك الذين راهنوا وعملوا على محاصرة وتحطيم الليرة التركية فإننا نقول لهم كما قال الجاحظ ذات يوم: «إن هذا الفعل الذي قمتم به لا يكون إلا بخذلان من الله».
copy short url   نسخ
27/12/2021
3794