+ A
A -
داليا الحديدي
كاتبة مصرية
في حياتنا قلة من البشر، ما أن نفكر بهم، إلا ويبرق في قلوبنا وميض محبة بـ«فولت» عال، ينير النها، ويهدي الفؤاد لدروب السكينة، كما وتخطر في عقولنا معادلة بشرية سهلة لكنها، ممتنعة.
فلان أو فلانة = سماحة نفس + حسن خلق، مضروب في رقة مفرطة، ومقسوم على جمال رباني ملائكي، أس مليون إيجابية ناقص صفر % زيف.
تتخيلهم في البعد فتسرح في منظر النورس بجناحيه يعلو فوق البسفور، يلهو مع سحب سماء اسطنبول مسابقاً السفن المتجهة لجزيرة الأميرات.
أو أجنحة الفراشات تسابق امرأة غلبها الحياء حال سماعها لإطراء
أو سعة الآفاق تخترق عقول المفكرين
أو رائحة الجنة تداعب أنوف المحتسبين
أو حلاوة البشرى، تمحو مرارة الصابرين
تفكر بهم فيتلألأ بذهنك صورة
خبر سار
رضيع بشوش يتثاءب
قطعة دانتيلا بيد عروس بتول
طهارة عرق الكادحين
زخات مطر تشرين
وعاقل قرر ألا يكون حزينا
يخطرون على بالك على شاكلة
طالب ثانوي برقت عيناه لحظة إعلان نتيجة تفوقه
طفل يشاهد الثلوج لأول مرة فيحسبها بوظة وينغمس في التهامها
صبية تلهو بمريول تلطخ بحمرة قانية بقعت وجنتيها وهي تتراقص في بستان الكرز
ورقة شجر الزيزفون تتطاير ثم تقع على معصم كهل وحيد فيستبشر
شاب ورع يستمتع بسجدة
الرومي يستلهم بشعره
التبريزي يتأمل
الكون يتجمل
الشعوب تتحمل
أما الدعوات.. فتستجاب
تحلم بهم، فاذ بك تصحو على «يا بشراي»
تجالسهم سويعة فتخال أنك قادر على كتابة أبيات تضاهي طلاسم أبو ماضي ومواكب جبران
وتحسب أنك طاولت العقاد فكرًا، وشوقي نظمًا، وسعيد عقل شعرًا، ود عبد لله شحاتة إنسانيًة، ود.عدنان ابراهيم حبًأ للمعرفة، ود. مصطفى محمود فلسفًة.
كثر عبروا جسر حياتك كما حياتي الا انه من النادر أن يضعك القدر وجها لوجه معهم.. وإن اشتقت لهم فانظر إلى السماء، فهم يسطعون كالنجوم التي تنير وحشة الحياة، لهؤلاء كل التقدير والمحبة، لأصحاب القلوب الذهبية، للقناديل الوردية، لأصحاب الوجه الصبوح الذين لا ينتقدونك على اتفه الأشياء، لمن تعثرت بهم في خطوات حياتي الأولى وحسبت جهلاً أن سائر البشر مثلهم.. سواء بسواء..
لكم أعانتني تلك الخطوات على عدم التعثر لاحقًا، لهؤلاء ولغيرهم من الأرواح السالمة المسالمة التي تحلو بأنفاسهم ربى الدُنى وربوعها بل وأزقتها ونواصيها.. كل التقدير والمحبة لهذه الكائنات البشرية المستغرقين في عظمة الله، والذين نسوا الاستغراق في المنصب والحيثية والمنزلة حتى لو حيزت لهم نصيب منها.
للطاهرين الذين لم ينجسهم عرق العدو في سباقات الحياة ودماء العراك والتناحر للوصول لمنصب أو لحيازة دنانير المصارف.
لجواهر الكون الأندر التي انتصرت للإنساني بسلاح المحبة وبضمادة التسامح
لبشر مثلنا، لهؤلاء الذي ستميز حضورهم رغم غرقهم في الوداعة والعطاء..
copy short url   نسخ
06/11/2021
1161