+ A
A -
قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم يوماً لأصحابه، محدِّثاً إياهم عن غيبٍ لم يشهدوه: إنَّ الله تعالى خلقَ الخلقَ حتى إذا فرغ منهم قامت الرَّحم، فقالتْ: هذا مقام العائذ بكَ من القطيعة.
فقال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلكِ، وأن أقطع من قطعكِ؟
قالتْ: بلى
قال: فذلكَ لك!
ثم قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: اقرأوا إن شئتم «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَ?ئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى? أَبْصَارَهُمْ».
قيل لسعيد بن المسيب: لقد ماتَ إبراهيم بن محمد بن طلحة..
فقال: كيف مات؟
فقيل له: انهار عليه قصره وهو فيه..
فقال: لا يمكن هذا، يأبى الله أن يموت مثله هكذا..
فنبشَ الناس ركام القصر، وأزالوا ما تهدّم منه، فأخرجوا إبراهيم حياً ما به كسر، ولا في جسده خدش!
فقالوا لسعيد: كيف عرفتَ أنه لم يمُتْ تحت الهدم؟
فقال: لأنه واصل للرحم، وواصل الرحم يوقى ميتة السوء!
وفي الحديث القدسي يقول ربنا عزَّ وجل: أنا الرحمن، خلقتُ الرَّحم، وشققتُ لها اسما من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها بتته/‏ قطعته.
وليست صلة الرَّحم زيارة بزيارة، وهدية بهدية، وموقف بموقف، فهذا وإن كان خُلقاً حسناً، وفيه أجر، ويندرج تحت صلة الأرحام، إلا أننا نفعله مع غير الأقرباء، فمن زارنا زرناه، ومن سأل عنا سألنا عنه، ومن دعانا إلى مأدبه دعوناه، ومن أهدانا أهديناه! وإنما صلة الرحم أن لا تقبل أنتَ بالقطيعة إذا ما قبل أقاربك بها!
وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، وإنما الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها!
يقعُ من الأقرباء الأذى، وهذا حق وواقع نشاهده ونعيشه، فما من عائلة إلا وفيها حاسد أو مبغض، والناس عقول وأهواء، نفسيات ومشارب، ونحن مأمورون بالصّبر لا بالقطع، بالمحاولة مرةً ومرتين وعشراً حتى نجد صدىً أو نُعذر أمام الله تعالى.
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنَّ لي قرابةً أصلهم ويقطعونني، وأحلمُ عليهم ويجهلون عليّ، وأحسنُ إليهم ويسيئون إلىَّ!
فقال له: لئن كنتَ كما تقول لكأنما تسفهم المل، ولايزال معكَ من اللهِ ظهير ما دمتَ على ذلك!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
21/10/2021
1610