+ A
A -
أُصيبَ حارثة بن سُراقة يوم بدر بسهمٍ طائشٍ لا يُدرى أُطلِقَ من معسكر المسلمين أم من معسكر المشركين فاستشهد، فصار الناس يتحدثون بذلك كالمشككين باستشهاده.
فجاءت أمه الرُّبيعُ بنت النَّضر إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم وقالت له: يا رسول الله، أخبرني عن حارثة، لئن أصابَ خيراً احتسبتُ وصبرتُ، وإن لم يُصب الخير اجتهدتُ في الدعاء!
فقال لها النبيُّ صلى الله عليه وسلم: يا أم حارثة إنها جنان، وإنَّ ابنكِ أصابَ الفردوس الأعلى، والفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها!
ليس المهم كيف يموتُ الإنسان، المهم إلى أين كان يسيرُ لحظة موته، لا فرقَ بين سهم طائش وسهم مقصود ما دام القلبُ في طريقه إلى الله، لا يهم في حادث سيارة، أو في مرض، أو في حريق، المهم عندما حانت تلك اللحظة كم كان مقدار الله في قلبك!
الذي قتل تسعةً وتسعين نفساً ثم جاء إلى عابدٍ يسأله هل له من توبة، فأخبره أن لا توبه له، فقتله وأتمَّ به المائة، أراد بعد ذلك أن يتوب، فجاء إلى عالمٍ هذه المرة، فأخبره أن باب التوبة مفتوح، وأن رحمة الله أكبر من ذنوب الإنسان مهما بلغتْ، ولكن نصحه أن يُغادر قرية السوء التي يعيش بها، ويتجه إلى قرية الصالحين، فعزمَ على التوبة، وخرج يريدُ تلك القرية ولا شيء في قلبه إلا أن يُصلح ما بينه وبين الله، فماتَ في الطريق، فأخذته ملائكة الرحمة على ما كان في نيته!
اِجعل الله دوماً في نيتك، ورضاه نصب عينيكَ، إذا فتح اللهُ لكَ باب طاعةٍ فلا تُغلقه، وإذا فتح لكَ الشيطان باب معصية فأسرع بالرجوع، زِدْ في الطاعة، واستغفِرْ من المعصية، أرِ اللهَ أنه لا شيء في قلبكَ أكبر منه سبحانه ثم لا عليكَ بأي طريقةٍ كانت النهاية!
أبو بكر ماتَ على فراشه، وعمر وعلي شهيدين في صلاة الفجر، وعثمان مذبوحاً على المصحف، وخالد على فراشه، وأبو عبيدة بالطاعون، اختلفت النهايات ولكن الحياة تشابهتْ، جميعهم كانوا يسيرون إلى الله!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
19/09/2021
1949