+ A
A -
مايكل براون شاب ربما لم يعرفه أحد إلا بعد مقتله الذي أثار الغضب الكامن في نفوس الأميركيين السود مجدداً في ولاية فيرغسون، وغيرها بسبب العنصرية القاتلة التي تمارس ضدهم من قبل الشرطة والنظام في هذه الولاية، وأماكن أخرى جرت فيها حوادث أخرى مشابهة يكاد يكون الإنسان الأسود فيها مواطناً من الدرجة الثانية من السهل التخلص منه كالحشرة.. ذلك الأمر يحدث في أميركا بلد الحريات! لم يعد الأمر غريبا حيث إن دستور أمة ما، ومبادئها المكتوبة، وشعاراتها المرفوعة ليس من الضروري أن تكون واقعية، أو معتنقة من جميع مواطنيها.
لا سيما إذا كانت حكومات هذه الدول تستخدم هذه الشعارات والدساتير كوسيلة لبلوغ غاية ما، من السهل إلغاؤها، ورميها في سلة المهملات إذا تعارضت مع مصالحها.
ولاشك أن أميركا بسياساتها الخارجية الجائرة والتي ذهب ضحيتها شعوب بأكملها لا يمكن أن تعيش سلاما داخليا وهي تحمل في رحمها بذور هذا الشر الذي تصدره للعالم.
مايكل براون وإن قتل فهو يبدو محظوظا لأنه قتل في أميركا أمام عدد لا أستطيع تقديره من ضحايا القوات العسكرية الأميركية قتلاً، واغتصابا خارجها.. خاصة في العراق.. منهم ضحايا لم يعرفهم، أو يدافع عنهم أحد، ولم تخرج المظاهرات التي تطالب بحقهم.
في العنصرية ضد الأفارقة السود من قبل الشرطة الأميركية سمة مشتركة مع العنصرية البشعة التي مارستها الشرطة العسكرية الأميركية مع مواطنين ليسوا أميركان خارجها.. الفارق ان الشرطة في أميركا لا تستطيع إطلاق العنان لوحشية أكبر كونها مقيدة في أميركا، في حين أن الجندي الأميركي أطلق العنان لوحشيته، وبدائيته اللاأخلاقية المطلقة في المناطق التي احتلوها.. لا أدل، ولا أوثق على ذلك مما حدث في سجن أبوغريب في العراق حيث ظهر الجنود الأميركان هناك مجردين من كل الأخلاق، والإنسانية، بعنصرية مقيتة وكأنهم يتعاملون مع دمى لا روح فيها، ولا قلب.. ولا شرف لها، ولا كرامة، كونهم أضعف منهم لا يملكون سلاحاً، ولا حيلة، ولا دولة تحميهم، اغتصبوا حتى الرجال، ولم يرقبوا في طفل، ولا امرأة ولا رجل إلًّا ولا ذمة، ليس في سجن «أبوغريب» فقط، وليس في العراق وحده.
في المحصلة تتراءى لنا كل يوم حقيقة العنصرية البغيضة الضاربة بجذورها في الغرب، والتي باتت تتعاظم وتكبر لتثبت للجميع زيف ما انتجته الحضارة الغربية على المستوى الفكري الإنساني كونه متجردا من الروح، والأخلاق متخبطاً بين متاهات جدران العقل البشري المحدود.. زيف العلمانية، والليبرالية، وكل تلك التوجهات التي زعمت أنها لحفظ حقوق الإنسان، وكرامته، ووجوده والتي لا يمكن تنفيذها والاستفادة منها إلا في ظل قوانين صارمة، وحكومة تديرها الملائكة كون الإنسان هنا لا يملك الوازع الداخلي الديني، والأخلاقي الذي يجعله يحترم، ويحفظ حقوق غيره، وحقوق الإنسانية حتى في غياب القانون، ومع التفوق في القوة العسكرية، والبدنية.
في النهاية على ماذا نحن مقبلون، ومقبلة أميركا؟ وهل هناك بركان سينفجر؟ ربما.
بقلم : مها محمد
copy short url   نسخ
12/07/2016
1702