+ A
A -
سمير البرغوثي
كاتب وصحفي أردني
وفي ذكرى الغزو العراقي للكويت تعود الذكريات لأقسى محنة مرت بها الأمة العربية، سألني في مثل هذا اليوم المرحوم عبد اللطيف البرجس محافظ حولي: أنت مع مين؟ قلت وبلا تردد مع البلد الذي رعاني ورعى أسرتي ودعم انتفاضتي وأقام مستشفى عالميا في بلدي، نعم رغم الجرح العميق الذي سببه غزو صدام حسين للكويت عام 1990، وما تبع ذلك من مواقف ورحيل أكثر من 400 ألف فلسطيني عن بلد أحبهم وأحبوه وأخذوا بجريرة قيادة لهم في تونس اعتقدت أن صدام الذي جاء على ظهر دبابة سوف يقود هذه الدبابة لتحرير فلسطين، كما كان يعلن، فطار عرفات من تونس إلى بغداد، مما فهم أنه تأييد ضمني، مع أن عرفات كان يريد إقناعه للانسحاب من الكويت، كما أعلن في الجامعة العربية ليلة إصدار قرار استقدام قوات التحالف الدولي بقيادة بوش التي حررت الكويت.
رغم ذلك، بقيت القضية الفلسطينية هي القضية المركزية الأولى، وعبر عن ذلك صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد رحمه الله، وأكاد أجزم أن القضية الفلسطبنية عادت كما كانت في انتفاضة 1987، حيث هب الكويتيون لدعمها، وما المواقف التي تبناها رئيس مجلس الأمة سعادة السيد مرزوق بن علي الغانم إلا تعبيرا عن إرادة شعب أصيل وقيادة حكيمة آمن أن فلسطين جزء لا يتجزأ من العالم العربي، وأن مبادرة العرب عام 2002 في بيروت هي الأساس لحل الصراع بما يرضي الطرفين وحين جاءت الدعوة لورشة البحرين تصدى الشعب ممثلا بمجلس الأمة.
وكم كانت قوية طرقات مطرقة الغانم وهو يقول بالإجماع: «وافق المجلس على قرار عدم المشاركة في ورشة المنامة»، وتنفست القيادة الصعداء، فهذا قرارها مدعوما من الشعب، ومن اعتمد على الشعب لا يخيب، وقد نشرت صحيفة «القبس» الكويتية الصحيفة التي حافظت على خطها الوطني ولم تنزلق وحققت الريادة نشرت رسماً كاريكاتورياً يمثّل علماً فلسطينياً كبيراً يحتصّنه الكويتيون ويلتفون حوله معلنين أن الكويت على العهد، وقالت الصحيفة إن الكويت «سجّلت موقفاً ثابتاً تجاه رفض كل ما يمسّ الحق الفلسطيني من خلال مقاطعتها ورشة المنامة».
وفي بيان تلاه رئيس المجلس مرزوق الغانم، دعا أعضاء الحكومة إلى «اتخاذ موقف حازم لمقاطعة أعمال هذه الورشة». وكان رد وزير الخارجية الكويتي صباح الخالد الحمد الصباح منسجما مع بيان مجلس الأمة، حين أعلن أن الكويت «متمسكة بالثوابت في السياسة الخارجية الكويتية».
الفلسطينيون أطلقوا اسم مرزوق الغانم على أحد الشوارع ورفعوا فوقه العلم الكويتي والعلم الفلسطيني.
ما أجمل هذه الروح التي كانت في نصف القرن الماضي، تشعرنا أننا أمة واحدة، قلوبنا على بعض، الخليجي يفزع للشامي والشامي يفزع للمصري، والمصري يفزع للعربي الشمال الإفريقي، نسهر في القاهرة ونصلي الفجر في الأقصى والمغرب في الحرم المدني والعشاء في الحرم المكي، وفلسطين قضيتنا، وليست قضية بيت أبيض أو أحمر، ساق الله زمنا جميلا كنا فيه أمة، ليس هناك طامع في أرض أخيه ولا حاقد على ابن أبيه.
كلمة مباحة
اقرؤوا تاريخ الأندلس ففيه دروس وعبر..
اقرؤوا الحروب الصليبية ولمن كان الظفر؟.
الخير باق في هذه الأمة إلى قيام الساعة.
copy short url   نسخ
29/07/2021
2179