+ A
A -
داليا الحديدي
كاتبة مصرية
لو كنت حرفًا لكنت نونا للاحتواء، أو واو عطف أو همزة وصل، أو ألف الكبرياء.
لو كنت حرفين، لكنت «لا» لإعلان الحرية والإباء
لو كنت مفردة لكنت رفقا، مودة، ربتة، أمانا أو عزاء.
لو كنت فعلا لاحترت بين المضارع والرجاء.
لو كنت جنسا لتحيزت –أبداً- لـ جين النساء.
لو كنت لونا لكنت قوس قزح يوشي بثراء التنوع في السماء.
لو كنت صفة لاخترت الوضوح، الكرم والوفاء.
لو كنت قيمة لتنازعتني قيم الحق، الخير، الصداقة والإخاء.
لو نثروا بين يدي المواسم لأفصحت أن ربيعي هو الشتاء.
لو خيروني يومًا لعطلتي، لبترت مشقة الأسبوع بسيف الثلاثاء.
لو كنت كاتبة لسطرت اسم أبي، جدتي ومربيتي فوق بخار مرآتي، مهما اختفت الأسماء في الهواء.
لو كنت نغما لكنت مقام الحجاز، شرقي الحضور، غزير الشعور يثير في النفس اللين، الشفقة والرثاء.
لو كنت لوحة لكنت صفحة صفاء.
لو كنت حالا لنصبت نفسي حاكما يعمم على شعبه مرسوم الرخاء.
لو كنت فرضا، لفرضت الرفق على الآباء.
لو كنت وقتا لكنت ساعة حظ الأثرياء.
لو كنت وهما لكنت حلم الترف للفقراء.
لو كنت قاتلة لنحرت أعوان الظالمين والساكتين على الظلم.
لو كنت هدية لأهديت بعض الشك للأتقياء وبعض الإيمان للجهلاء.
لو كنت محفزا لزرعت بين جنبات كل فرد حفنة من نظرات شماتة الأعداء.
لو كنت طاعنة لطعنت جيوب البخلاء.
لو كنت أمنية لتمنيت حياة بلا بين بين، بلا فقد، بلا فقر أو عناء.
لو أردت سفرا لحجزت تذكرة لأعالي السماء.
لو سئلت عن أغلى ما حافظت عليه لقلت: مقتنياتي من الذكريات، فكم أخشى عليها من الفناء.
لو سئلت عن صوت أحبه، لقلت صوت خروشة ورق الهدايا صبيحة العيد معلنًا عن لحظة هناء.
لو كنت معالجا لعالجت التلعثم، فهو مشقة مواصلة التعثر في البوح مرة تلو مرة تلو مرة حتى يعلق المتلعثم في خضم العجز عن الإفصاح، ويزهد السامع فيما ينتوي قوله من معان مهما كان المتلعثم من الأعزاء.
لو سئلت عن وطني لأجبت أني استوطنت قلوب الأبناء.
copy short url   نسخ
24/07/2021
1321