+ A
A -
حمد حسن التميمي
من المستبعد وجود إنسان في هذه الحياة لا يرغب في أن يتربع على قمة النجاح ويحقق كل ما يحلم به، لكن المشكلة أن الغالبية العظمى من الناس يريدون تحقيق نجاحات سريعة لا تتطلب بذل جهد كبير، بيد أنه لا يوجد طريق مختصر من شأنه أن يجعلك ناجحاً بين عشية وضحاها، ومع ذلك، هناك بعض القواعد التي بوسعك اتباعها في حياتك الشخصية والمهنية لمساعدتك على تبسيط رحلتك نحو النجاح، ألا وهي قواعد منكوسي.
ما قصة
قواعد منكوسي؟
عُقد في سنة 1998م مؤتمر حول مفهوم القيادة في مدينة سان أنطونيو، سابع أكبر مدينة من حيث السكان في الولايات المتحدة الأميركية، بحضور عالم النفس المعروف «جوزيف منكوسي» الذي ألقى كلمة تحدث فيها عن قواعد النجاح في الحياة الشخصية والمهنية، من منطلق خبرته العملية ورؤية الذاتية، نقلها عنه فيما بعد مؤلف كتاب «الإنسان الفعال»، جمعناها لك عزيزي القارئ بتصرف يثري فحواها، علّك تجد فيها ضالتك، وما تبحث عنه لتسهيل وصولك إلى أهدافك وأحلامك.
قواعد النجاح الثماني
وفقاً لمنكوسي
تشير القاعدة الأولى حسب منكوسي إلى أنك تعيش في هذا العالم وسط مجتمع فيه أناس من مختلف المشارب والأطياف، لذا لا بد أن تتعلم كيف تتعايش معهم وتتقبل ما يصدر عنهم من آراء وأفكار وتصرفات، وتتقبل كذلك عاداتهم وتقاليدهم وأساليبهم في العيش. إن هذه قاعدة مهمة حتى تستمر في الحياة بوئام وانسجام مع الوسط الخارجي، حيث تحترم الآخرين الذين سيبادلونك الاحترام ذاته «أغلبهم».
واحترام الآخر لا يكون في تقبّل آرائه ما دامت تشبه آراءك، ومعتقداته ما دامت مطابقة لمعتقداتك، بل في احترام وجهة نظره حتى لو خالفت وجهة نظرك، وتقبل عاداته وقيمه التي نشأ عليها بمعزل عن عاداتك وقيمك.
أما القاعدة الثانية، فخير ما يمثّلها هو القول الشهير: «عامل الناس كما تحب أن يعاملوك»، وعلى هذا الأساس ينبغي أن تبني جميع تصرفاتك، فإذا كنت تحب الصدق والأمانة ودقة المواعيد والوفاء بالوعود، فكن صادقاً أميناً وفيّاً بوعدك ودقيقاً بموعدك. وإذا كنت تُسعد بعبارات الشكر والامتنان والكلام الإنساني الصادر من القلب، فأغدق على الآخرين بأجمل ما يجود به لسانك، وذلك بكل محبة وصدق، دون أي مداهنة. وإذا كرهت تصرفاً معيناً أو سلوكاً ما فابتعد عنه وتجنبه تماماً. أي كن بالضبط صورة حية عن الإنسان الذي تريد أن تراه في الآخر.
بالنسبة للقاعدة الثالثة من قواعد منكوسي، فهي تنص على العطاء اللامحدود، وأن تهب من تحبهم أكثر مما يطلبونه ويحلمون به. فإذا أراد صديق عزيز لك أن تقرضه 100 دولار مثلاً فأقرضه 500 دولار، وربما حتى تعطيه إياها دون أن تطالب باسترجاعها. كن مصدر إلهام وقدوة للآخرين في عمل الخير، واعلم أن أي عطاء تقدمه سيعود إليك أضعافاً مضاعفة، فتلك هي نواميس الكون، ما تزرعه تحصده، وما تعطيه عن طيب خاطر يرجع إليك بصور شتى وأكثر مما أعطيت.
والقاعدة الرابعة للنجاح، هي ألا تخشى شيئاً، فمن لا يخاف لا يُخشى منه. فعدم فعل شيء بسبب الخوف أسوأ ألف مرة من الإقدام على ما تخشاه. فكثيراً ما يكون خوفنا غير منطقي ومبالغا فيه، فإذا تحلينا بالشجاعة وتحدينا المجهول وما كنا نهابه، ربحنا المعركة التي كنا نظن أننا سنكون الخاسرين فيها.
وتشير القاعدة الخامسة لمنكوسي، إلى أهمية القناعة في حياتنا، بحيث نسعد أنفسنا بأبسط الأشياء من خلال تقديرنا لجوهر الحياة ذاتها. كثير ممن حولنا يفتقرون إلى أشياء لا نلقي لها بالاً، غير أنهم يتمنون الحصول عليها. وبالتالي، فعلينا أن نقدّر النعمة حق قدرها، ولا نبدد أموالنا في شراء الكماليات، ونبسط مفهومنا للعيش والتعايش مع الآخرين، بمعنى ألا نعقد الأمور، لنحيا بسعادة وهناء.
في القاعدة السادسة، يخبرنا «منكوسي» بألا نعطي وعوداً كبيرة حتى لا نثقل كاهلنا، ونتمكن من الوفاء بما وعدنا به. فليس مهماً كم من الوعود تقطع على نفسك، المهم أن تكون صادقاً وتفي بها، وتنقل هذه الخصلة إلى ابنك، فتعلمه كيف يكون أميناً في وعوده تجاه الآخرين، وتمرّر هذه العادة كذلك إلى الغير.
أما القاعدة السابعة، فتوضح مدى سوء عادة النميمة، وأن علينا ألا نذكر امرءاً بسوء في غيابه أو نسيء إليه بنظرة أو غمزة أو حتى طرفة عين. حاول ألا تؤذي مشاعر الآخرين، وألا تطيل النظر إلى شخص يسير في الشارع أو يجلس قريباً منك بشكل يشعره بالحرج. عامل الناس باحترام ومودة واذكرهم بالخير مهما أساؤوا التصرف، تلقَ احتراماً وتقديراً من قبل الجميع.
كم نحن أحوج اليوم إلى أمثال أولئك الذين ترى الحب يشع من عيونهم كأنه شعاع نور يخترق القلوب فيبدد ظلمتها.
وأخيراً نأتي على ذكر القاعدة الثامنة، التي ينصحك «منكوسي» من خلالها بأن تعامل أي طلب من شخص آخر، أو قدومه إليك بداعي الحاجة على أنه منحة إلهية واختبار لرقي أخلاقك وحبك لمساعدة الآخرين. لا تدّخر جهداً في مساعدة أقربائك وأصدقائك وحتى جيرانك ومن لا تعرفهم، كن مشكاة خير أينما ارتحلت جلبت معك الخيرات لجميع من تقابلهم. واعلم أن في مد العون إلى الآخر سعادة ما بعدها سعادة، وتذكر دائماً أن الحياة تعطي مثلما تعطيها تماماً، فأي خير تبذله في سبيل الغير سيعود إليك لا محالة.
copy short url   نسخ
21/07/2021
825