+ A
A -
يعقوب العبيدلي
في اللقاءات والجلسات الأخوية، وبين الزملاء والأعزاء الأحباب، تدور سوالف وحكايات، وحوارات وثرثرات، وأفكار وتعليقات، وكلام مسؤول، والآخر يلقى على عواهنه، بكل رحابة صدر، لأن «الميانة» طايحة عند البعض بحكم الرفقة والزمالة والمعايشة، نكت وضحك وابتسامات لا تنتهي، ربما يكتنف بعضها التجاوزات البريئة من باب الضحك والتندر ليس إلا، نقول فيها ما لم يقله مالك في «العسل التركي العجيب» الذي إن جربته مرة فلن تنساه بالمرة، الحوارات والمزاح عادة ووسيلة للأنس والتقارب والتعايش وتوطيد العلاقات الإنسانية بين الزملاء والناس، لكن عند البعض للأسف تكرس التباعد والتصادم وردود الأفعال غير المنطقية والتلويح بالعصا والتهديد بقطع العلاقات والتهديد بوضعك في «البلوك» والمقاطعة وإيقاف التواصل معك، وربما تعلو هذه اللغة أو النبرة في حال لم تتفق وجهة نظرك مع الطرف الآخر- ولو من باب المزاح– وتتحول «الغشمرة» إلى حرب داحس والغبراء، حرب شرسة، يغلي فيها البعض ويهدد ويستأسد لدرجة قطع الآخر، ونعته «بالسخافة» و«السخيف» وهدر كرامته في موقف انفعالي، وكأنه ينسى جل الحسنات من المواقف واللحظات ويركز على موقف واحد – وكان بحسن نية ومزاح بريء، العصبية وردود الأفعال المتسرعة رائحة كريهة منتنة تنبعث من الطرف المتشنج، العلاقات الإنسانية التي تسودها الفوقية والعصبية وردات الفعل المتسرعة لا يقوى لها عود، لا تقيم علاقة مستدامة، ولا تعمر بيتاً، إن التشنج في إصدار الأحكام، أو وصف أي إنسان «بالسخف» و«السخافة» أو سياسة ليّ الذراع وإملاء الشروط، إنها من السياسات والأفعال المنتنة والبغيضة وغير العاقلة، التشنج في المواقف خور وضعف، وحماقة أعيت من يداويها، ثقافة العنف سائدة عندنا في السياسة والرياضة والملاعب والبرامج والإعلام وعلى منصات التواصل الاجتماعي، وما زلنا نحلم بالوحدة العربية، ووحدة الأقاليم العربية. إن «كاريزما» وسيكولوجية العربي لا تحتمل التباين في وجهات النظر، تعرف فقط كن معي ولا تكن ضدي، لا تقيم «للرأي الآخر» اعتبارا، اقتتلوا في ذلك الزمان على سباقات خيل، تشاتموا على نتائج مباريات كرة، حروب استمرت أعواماً بسبب ناقة، وآخرون اتهموا بالسخف والسخافة بسبب موقف مزاح، عند العقلاء لا تسفيه، لا تطاول، لا تنقيص، ولا تشكيك، هناك روح رياضية عالية، هناك حب ولطف وود المفروض يجمعنا، قليلٌ من التحضر ينفعنا، ويفيدنا ويبعدنا عن التصادم الطائش، والوضع البائس، في العلاقات الإنسانية..
وعلى الخير والمحبة نلتقي.
copy short url   نسخ
15/06/2021
2962