+ A
A -
لا يمكن الكتابة اليوم في موضوع غير موضوع فلسطين فكل الملفات مؤجّلة ما دامت جبهة القدس مشتعلة ومادامت المقاومة الفلسطينية تواجه آلة الموت الصهيونية. لكنّ اللافت في المشهد الجديد هو ما عرفته المقاومة من تحولات نوعية وهي التي أصبحت قادرة على ضرب عمق الكيان المحتل بالصواريخ والطائرات المسيّرة.

هذا التطوّر اللافت يُقلق أكثر من غيره مشروع الاحتلال ومن بعده مشروع الاستيطان ثم مشروع محو آثار الوجود الفلسطيني والإسلامي في القدس وفي بقية المدن المحتلّة. تعوّل دولة الكيان على الزمن وعلى بقاء النظام الرسمي العربي كما هو حارسا لحدودها مانعا لكل نهضة ممكنة قد تهدد مشروع الاحتلال.

إن الدور الذي تلعبه دول الطوق في حماية دولة الاحتلال لم يعد خافيا على أحد لكنّه يكشف كذلك عجز المحتل عن تحقيق حلمه في السلام الموهوم وفي مصادرة القضية بشكل نهائي أو شبه نهائي. فرغم ضخامة التحالفات الرسمية التي نجح في تحقيقها عربيا وأوروبيا وأميركيا فإنه لا يزال إلى اليوم عاجزا عن حسم المعركة. من جهة مقابلة نجحت غزة في حشد الشارع الدولي لصالحها رغم تراجع قدرة الشارع العربي على التعبير عن نُصرته للأقصى وللقضية العربية الأم.

صحيح أنّ التعاطف الشعبي مع القضية الفلسطينية لا يُكسبها منجزا ملموسا على الأرض لكنّه يشكّل في الحقيقة أداة ضغط هامة على الدعاية الصهيونية عالميا. لقد أسّست دولة الكيان مشروعها الاستيطاني على أكذوبة توراتية سرعان ما حوّلتها إلى حق تاريخي، مستفيدة من أوضاع أوروبا بعد الحرب الثانية وتمزّق النسيج العربي ووهم الدولة الوطنية. لكنّ الدعاية الكاذبة لم تنجح في إقناع الرأي العام الدولي وخاصة الشعبي منه بأحقية اليهود في أرض فلسطين بل إن الجرائم الصهيونية المتكررة قد أثبتت للعالم عدالة القضية الفلسطينية ووحشية الاحتلال.

لا يمكن إذن مصادرة الحق الفلسطيني ولن يكون ممكنا إرساء وطن جديد لشعب غريب على حساب أصحاب الحق وأصحاب الأرض. لن تتوقف المقاومة الفلسطينية حتى تتحرر الأرض والمقدسات من المستوطنين ومن الغزاة، ولن يكون السلام ممكنا إلا بإنصاف أصحاب الأرض بقوة المقاومة وبقوة السلاح، بعد أن أثبتت عقود من الزمن أن المفاوضات ليست إلا سرابا ووهما لا يحرر وطنا ولا يسترجع حقا.




محمد هنيد
أستاذ مشارك
بجامعة السوربون
copy short url   نسخ
20/05/2021
1159