+ A
A -
مهنا الحبيل
باحث عربي مستقل
مدير المركز الكندي للاستشارات الفكرية
بنية هذا المقال وفكرته قائمة أياً كانت نتيجة، حركة البعث الجديد في الأرض المحتلة في كل أرجاء فلسطين، وبالذات في رباط المقدسيين وكفاحهم وارتداداته الملهمة في الـ 48، وأياً كانت حصيلة المواجهة بين المقاومة الفلسطينية وبين العدو الصهيوني، والذي نرجو بقوة أن تتحول في نهاية المعركة، إلى مدافعة مهمة لصالح بيت المقدس والأحياء المرابطة، وإلى دعم غزة المحاصرة.
فاليوم وغداً، وطوال هذه الحقبة القادمة، لا نزال نواجه نتائج عملية التجريف ضد القضية الفلسطينية وعروبتها، وحقها الإسلامي والإنساني والذي شهد أكبر تطور له، في ترويج الفكرة الصهيونية ذاتها، وليس فقط العلاقات مع الكيان الغاصب، وواحدة من الآثار الجيدة جداً لارتدادات الكفاح الفلسطيني الحالي، هي نسائم هذه الهبة في الضمير العربي، وعودة التماسك والتضامن مع القدس.
نعم الوضع اختلف والزخم قل، لكن ما راهنت عليه الثورة المضادة للربيع العربي، ومشروع العلاقات الضخم، الذي كان يراهن بالفعل على أن حضور فلسطين في الوجدان العربي، بات من الماضي وأن المشروع الصهيوني قد تجاوز العقبة التي سماها نتانياهو بنفسه، وهي مركزية فلسطين وكفاح شعبها في الضمير العربي.
إن سرعة تفاعل الإنسان العربي مع شعبنا في الأرض المحتلة، وروح النصر النسبي المرحلي، التي عكسها وصول قصف المقاومة إلى تل أبيب، بغض النظر عن تقييمنا لحاجة المقاومة لتقدير حراكها في المعركة، مع حجم الضحايا والدماء وبالذات في غزة.
غير أن هذه الروح في قدرات الشعب المحاصر، وخاصة حركة التمرد الميداني في الـ 48 والجهاد المدني في القدس، كان لها أثر قوي في روح الشاب العربي، وحتى لو تحدثنا عن مجموعات وكتل شعبية في الوطن العربي وفي حاضر العالم الإسلامي، وفي المهجر الغربي، وليس حشود واسعة من الشعوب، فإن هذا التضامن المتعدد المتواصل فعلاً، هو كتلة عقبات في مواجهة الكيان الصهيوني.
وهي قاعدة تحتاج لما بعدها، ومهمة للتأسيس عليها، فهنا ندخل في دور التطوير الضروري لحركة الدعم للكفاح الفلسطيني، وبالذات الجهاد المدني، الذي مثّل نقلة مهمة في تاريخ القضية الفلسطينية ولم تكن هبة رمضان هي الأولى، وإنما دورات خاضها الشعب الفلسطيني لعقود وكان من ثمارها الانتفاضة الأولى والثانية، وكل هذه الدورات، كان النضال الفلسطيني يُعيد عبرها الكيان الصهيوني إلى مربعات سابقة، ظن أنهُ قد تجاوزها.
إن هذا الدعم المتطور وفقاً لظروف الحصار، والشيطنة والتحفز الغربي الجديد المعزّز بالإسلامفوبيا، يحتاج لمشاريع تتخطى هذه الحواجز، على مستوى الدعم الإغاثي الإنساني المعتاد، والبحث العاجل لتأسيس جمعيات مرخصة ذات صبغة دولية، ودعم القائم منها، وفتح الجسور عبر اتفاقات مع المنظمات الدولية بما فيها الأونروا.
بحيث يصل الدعم لكل بقعة من القدس، ومن الأحياء المحاصرة، وبحيث يعوّض شعب الرباط عن خسائره المادية، وتثبيته في أكناف بيت المقدس، أما الشهداء فلا يعوضون إلا عند الله عز وجل.
وفي مسار التوعية الإعلامية والدعم الدولي الإنساني، فإن مساحة الفراغ التي لا تزال قائمة في المهجر الغربي، لصالح القضية الفلسطينية يجب أن تُفعّل في أميركا الشمالية وأوروبا على نطاق واسع، فالصوت الغربي المنصف موجود، والحس الإنساني الرافض للعدوان الصهيوني في الغرب له حضور.
ولكن الحراك العربي المتحد ولو نسبياً مفقود، نعم هناك مشاريع متعددة وجيدة لكنها ليست كافية، كما أن فكرة تعزيز بيت المقدس بمشاريع يُنظمها العرب في المهجر الغربي بحكم مواطنتهم الجديدة في دول الغرب، ممكن أن تتوسع مع دخول العرب والمسلمين من غير أبناء فلسطين على هذا الخط، والتواصل مع المقدسيين والتنسيق معهم.
ومن الوسائط المهمة لإحياء الكفاح الفلسطيني اليوم في العالم، هو إعادة ربطنا للقضية مع حاضر العالم الإسلامي وعالم الجنوب، وهذا العالم الإسلامي رغم مآسيه في آسيا وأفريقيا، إلا أن له جذوة تاريخية إيمانية سريعة التفاعل مع فلسطين المحتلة حيث قبلة المسلمين الأولى، ومحل النص المحدد عن فلسطين في الذكر الحكيم، ونُضيف إلى ذلك العالم الجنوبي بنزعته اليسارية المتفقة مع قضايانا العربية، فنحن وإياهم لانزال تحت حرب إبادة شنها الغرب الحداثي بإمبرياليته وبجنينه الصهيوني.
copy short url   نسخ
16/05/2021
2044