+ A
A -
داليا الحديدي
كاتبة مصرية
- حين كسر ابنك مزهرية «بوهيميا» الثمينة
شاهد غضبك وتعنيفك له أسفًا على البلور المكسور
لكن عمرًا سينقضي دون أن ترى أن قلب صغيرك أيضًا قد تحطم لخطأ غير متعمد
أيهما أبقى لك وأنفع، مزهرية تشيكية ثمينة أم ابن بقلب مهشم، رغم أنه لا يقدر بثمن؟
من يعشى بنور بصيرته.. فالعمى أولى بمقلتي جهول
- وجدت اليوم مبلغا بجيب سترتي، فطرت فرحاً، وإذ بابنتي تختلس نظرة،
قلت: أأنت من دسست المال بجيبي؟
ابتسمت، فسألتها: لم؟
جاوبتني: لاحظتك تقفزين كما الأطفال لو وجدت مالا غير متوقع، فأردت شراء لحظة فرح لك!
مزقتني صغيرتي خير ممزق.
-انتبه
إن إحدى علامات الرضا ومفاتيح السعادة يكمن في إدراكك حكمة الله في رسم الأقدار لك وتوصيل أرزاقك من مصارف بعينها دون سواها.
فحظك من البر، ونصيبك من العطف، وأقدارك من العطاء، ومخصصاتك من الرفق وبختك من الفرحة وحصتك من الإرث وسهمك من الرحمة أو حتى رصيدك من المال قد يأتيك من غريب أو بعيد، فلا تصرن بأنه كان من الأحرى أن تناله من أبويك، ابنك، زوجك أومصارف بعينها.
فالله هو المتصرف في أمور عباده وهو يعلم ما لا تعلمون
ثق في هدايا الهادي، فهو يحسن الإهداء.
أما لو تمسكت بالتحسر على أوضاعك كون البر لم تناله من أبنائك
والمال لم تتحصل عليه من إرث جدودك
والسند لم يكن من ظهيرة أبيك
والعضد لم يقدمه لك ساعد إخوتك
والعزوة لم ترها من عشيرة أهلك
والعلم لم تتحصل عليه من سبورة معلمك
والنجدة لم تأتك من جارك
والتقدير لم تلمسيه من زوجك
والأمان لم يمنحه لك تراب وطنك
والعزومة لم ترد إليك ممن دعوتهم
والهدية لم تسدد إليك ممن أهديتهم
فاعلم إنك مصمم على أن تكون كبقعة زيت عنيدة، لن يفلح الرافدون في تنظيفها ولن تجدي معها سائر المنظفات القوية.. فالوسخ عالق بقلبك وعقلك معًا.
إن الاعتذار الكاذب أقسى من الذنب الصريح، فالأول نصب مستتر، كمن سرق أموالك، ثم ردها لك بنقد مزيف!
وقلَّ من يمعن في الاعتذار كما استبسل في الإيذاء. وكما الصدقة برهان على صدق طلب العفو، فالحسنات يذهبن السيّئات، وكذا الهدايا تُهدئ الجراح. ومن حسنات الذنوب أنها من مورثات التوبة، كما ومن مميزات الأخطاء أنها تكسر علياء الفرد، كما وتحثّه على الإصلاح. وإن كان من سنن الكون أن يخطئ البشر، فإن من فرائضه الاعتذار. فالله يغفر الذنوب جميعاً حال استتبعت باستغفار وإصلاح. والبشر قد يصفحون عن زلاتك، لكنهم لا يتهاونون في تجاهلك لجدية الاعتذار لهم.
الامتنان لله فضيلة تُثري، علماً أن الكريم جلّ وعلا لا يحتاج لعرفانك أو شكرك، على أنه يستحقه، بينما نحن من تحتاج لأن نمتن، سواء على جرعة طعام، أو رشفة ماء، أو أقل من ذلك. وإن شئتَ الإطمئنان على إيمانك، كما ورد عن المفكر عدنان إبراهيم: فعيّر الطيف الذي تتحرك عليه عرفانياً، تجاه خالقك، فإن كان عرفاناً موسمياَ نتيجة علاوة، نجاح، إنجاب، ميراث، رحلة، ثروة، بعثة تعليمية، منصب أو زيجة، وما إلى ذلك من عوارض الدنيا، فهوعرفان مؤقت يخدعك وتخدعه، وتتساوى فيه مع العوام أدعياء الشكر المقنع، والحمد المزيف، الذي يُضللك بطبيعته، بينما لو تعملق طيف شكرك بشكل مستوٍ، واعٍ، ومدرك لكافة نعمك، الممنوح منها، والممنوع.. والمعلوم منها والمجهول، فأنت أنت.
copy short url   نسخ
24/04/2021
1170