+ A
A -
خالد وليد محمود
كاتب وباحث
ما تزال وستبقى قضية الأخلاق ومصادرها تشكل أحد أهم مواضيع العلوم الاجتماعية والإنسانية، وهي التي راحت تشغل أسئلة العلماء والفلاسفة بتعريفها والوقوف على أصولها وحدودها وأهدافها.
أصبحت الأخلاق في نظر الكثير من الفلاسفة هي نظرية معيارية للخير والشر، وقد بقيت الأخلاق إلى عهد قريب مبحثا فلسفيا نظريا وقد وضعها الفلاسفة على قدم المساواة مع المنطق وعلم الجمال، وقالوا إن موضوعها هو قيمة الخير، كما أن موضوع المنطق هو قيمة الحق، وموضوع علم الجمال هو قيمة الجمال·
وعندما أراد الخوارزمي أن يترجم معنى «الأخلاق» رياضيا فأبدع حين أوجز نظريته قائلا: إن الإنسان يساوي (واحدا)، وإذا ما كان ذا حسن وجمال يُضاف إلى الواحد صفر فيصبح (عشرة). وإذا ما كان ذا مال وجاه يضاف إلى العشرة صفر آخر فيصبح بذلك (مائة).. وإذا كان ذا حسب ونسب يُضاف إلى الأصفار صفر، فيكون بذلك يساوي (ألفا)، وإذا ما فقد الأخلاق فهو يفقد الرقم الواحد، وبذلك لن يبقى له شيء سوى (الأصفار) التي لا تعني شيئا، وبذلك يصبح لا قيمة له، وهذا يعني أن نظرية الخوارزمي تؤكد وتتسق مع الواقع الذي نصبو إليه وهو الأخلاق، حيث يجعلنا الخوارزمي بعد أن نثق علميا وإنسانيا بنظريته نعتقد جازمين أن ثمة ربطا لا يقبل الشك ليس فقط بين الأخلاق والجبر بل بين الأخلاق وكل شيء في هذا الكون، وأن كل شيء يفقد قيمته إذا افتقد للأخلاق، وأن هنالك ربطا محكما بين الإنسان والأخلاق إذ جعل الخوارزمي الإنسان ذا الأخلاق هو الرقم واحد.
ثمة الكثير من الأمثلة التي تؤكد وبما لا يدع مجالا للشك أننا نعيش في مرحلة أكثر ما تتطلب بحق لثورة أخلاقية وثورة على ضبط وتحديد المفاهيم ووضعها في نصابها الصحيح؛ كي لا تتخرج لدينا أجيال مضطربة متذبذبة لديها خلل في الهوية ذاتها، إذ تبقى القيمة الحقيقية للإنسان في خلقه، وجمع كل ذلك حديث الرسول الأكرم الذي يقول فيه «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» وليس بعد هذا القول قول.
copy short url   نسخ
21/04/2021
1731