+ A
A -
داليا الحديدي
كاتبة مصرية
حين أنطق مفردة «شام» والتي أعني بها الدول الأربع، يحلو صوتي، بل أنطقها كل مرة بشكل أكثر ألقاً وكأني أغني بعُرب مختلفة.
وحين تهاجمني خاطرة تحمل أي اسم من الأسماء التالية، يسفر وجهي عن ابتسامة قد تجعل من يراني يحسب أني أفكر بحبيب، لكنها شذرات من أفكار وصور تتصادم في رأسي بصدد:
بسكنتا، بكفيا، مرج عيون، ضهور شوير، عاليه، كسروان، جعيتا، عنجر، الشوف، جبيل، احراش «اهدن» و«زغرتا»، غابة «تنورين»، وسير الضّنية حيث إمكانية ممارسة رياضة «الهايكينج» بغابات الأرز، السنديان والصنوبر، صيدا، صور، جزين، النبطية، برمانا، طرابلس، بِشَرّي، زحلة، انطلياس، خالدة، فاريا، بيت الدين، بعبلك، بعبدا، عنجر، البقاع، البترون، بنت جبيل، قضاء المتن، عين الصفصاف، الهرمل، عرسال، الكورة، صنين، الأرز، عكار، جونية، حريصا، بيروت، الحمرا، المنارة، الروشة، عين المريسة، المرفأ، زيتونة باي، قريطم حيث كان الفندق الذي نزلت فيه مع زوجي بشهر العسل وكان قريباً من قصر الرئيس الحريري.
..
دمشق، حلب، ادلب، اللاذقية، السيدة زينب، جبل قاسيون، بلودان، الزبداني، باب توما، سوق الحمدية، علماً بأنه قدر لي أن تكون دمشق أول مدينة أسافر إليها بحياتي.. بل وأقيم فيها لعامين لارضع من «بردا» ولا أفطم. وكنا نقيم في حي«أبو رمانة» بريطانيا سابقاً والجلاء حالياً، يوم كانت حيازة الليرة ثروة!
..
عمّان، صويلح، السلط، اربد، عجلون، البحر الميت، حمامات معين، وادي الموجب، العقبة، مأدبا، المفرق، جرش، الكرك، الزرقاء، البتراء، أبو علندا.
..
يبدو أن كل ما هو شامي قد صبغ مزاجي بالشفاف، فتعلقت بأدباء المهجر وبالأدوار الحلبية وبموسيقى الرحابنة وبالمطبخ واللهجات الشامية على تنوعها.
فمثلاً:
لكم أزهو بنشأة المفكر «إدوارد سعيد» في مصر، وكأن كنزا من كنوز الأرض قد تقاطع دربه مع دربي. وقد امر على مدرسة «فيكتوريا كوليدج» والواقعة بحي المعادي حيث بيتي بمصر، حتى أقول لأبنائي: هنا درس «إدوارد».
ألفظ اسمه الأول كأنه ابن خالي!
بل ومع علمي أن الشاعرة الرقيقة «مرام المصري» والشاعر الكبير منذر المصري لم يقيما في مصر، ومع هذا يسعدني أننا نشترك معاً وإن في هوية اسمية كما وحب الشعر والحرية.
ولكم أغبط لبنان كونه صار وطنًا ثانيا لأديبة سوريا البدوية، الفريدة، والتي لا تكتب سوى بحبر الكبرياء «لينا هويان الحسن».
المؤسف أن ذاكرتي تحتجزني في دائرة من التكرارات، فعوضاً عن سبر أغوار الأرض، كنت أفضل تكرار الزيارة لبلاد الشام، وكم حلمت بزيارة لفلسطين من بئر سبع جنوباً وحتى صفد شمالاً.
ففي الشام عاشت كوليت خوري، الماغوط، انسي الحاج، ادونيس، قباني، غادة السمان، جبران، ميخائيل نعيمة وإيليا ومصطفى وهبى التل «عرار» وفدوى وابراهيم طوقان، حبيب الزيودي وسميح القاسم.
ما سبق هو محض ذكريات مطوية في جعبة العمر، كم هي مؤنسة حين تومض في الذهن على هيئة صور، نعود لها لنستعيد شيئا من حضور الغياب، شميم الشام، آثارها، وتذكارات من أسواقها.
قالوا: تدمشقت.. قولوا: ما زالت على
علاتها خمرية اللون كأهل أسوان
قالوا: تحب، أجل، إنّي أحب، متى
كانّ الهوى سبّة يا أهلي وخلاني؟
«عرار.. بتصرف»
ملحوظة:
يعن لي المجاهرة بحب عمي.. لكن جاهل من يزايد على حبي لوالدي.
copy short url   نسخ
03/04/2021
1394