+ A
A -
إذا كانت الخطاطة الأصلية للأنظمة التمثيلية لا تفرض أي دور ممكن لما نسميه الآن «المجتمع المدني» حيث يحتكر البرلمان التمثيل السياسي الوطني وحيث المشاركة الانتخابية هي التكثيف الأهم للمشاركة المواطنة، فإن المسلسل المعقد للانتقال من «الليبرالية» إلى «الديمقراطية»، مسلسل دمقرطة «الفكرة الليبرالية» قد ساعد على خلق مساحات جديدة للمشاركة وصيغا متجددة لديمقراطية تشاركية برزت سواء كجواب على ما عرف بأزمة النظام التمثيلي وعلى القطائع التي ما فتئت تتسع بين العالم السياسي وفضاءات المواطنة، أو كصيرورة للخروج من أنظمة عسكرية وسلطوية تميز الانتقال إلى الديمقراطية داخلها بفورة قوية للحركات الاجتماعية والمدنية.
مغربيا فإن السياقات تختلف، إذ أن النظام التمثيلي ظل يعاني قصورا مؤسسيا وهشاشة ثقافية نتيجة عدم ترسخ تقاليد الاقتراع العام، وهذا ما يجعل من التفكير في الديمقراطية التشاركية في هذه الحالة مطالبا موضوعيا بأن يتأطر في خانة التكامل الوظيفي الذي تعزز فيه «المشاركة» منطق «التمثيل» وليس في خانة تنازع مشروعية التمثيل المدني والتمثيل السياسي.
يرتبط واقع الديمقراطية التشاركية كممارسة «متواضعة» داخل التجربة المغربية بتقاطع ديناميتين، الأولى تتعلق بتزايد الطلب المجتمعي والمدني على المشاركة خاصة في المستويات المحلية، والثانية تتعلق بإرهاصات النزوع التشاوري والتشاركي لبعض السياسات العمومية، إذ انطلاقا من الحوار الوطني لإعداد التراب ووصولا إلى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، كثيرا ما لجأت السلطات العمومية إلى إطلاق مسلسلات للتشاور حول سياسات ذات بعد أفقي أو قطاعي، كما أن هندسة بعض السياساسات العمومية نفسها قد تتضمن بعدا تشاركيا يسمح لممثلي المجتمع المدني أو للساكنة المحلية من الإسهام في تحديد أولويات وخيارات التنمية، خاصة في المجالات الاجتماعية.

بقلم : حسن طارق
copy short url   نسخ
09/07/2016
7296