+ A
A -
داليا الحديدي
كاتبة مصرية
قبل انتشار وباء الكوفيد 19، كنت أزاول الرياضة بانتظام في ناد رياضي بـ«اسباير زون» وهو مزود بمسبح كبير.. وما أن أعود لداري حتى يطلب مني أبنائي أن أروي لهم تفاصيل عن كل التمرينات التي قمت بها.
وفي يوم كنت أمارس السباحة الحرة.. وقد أصابني الملل داخل المسبح، وإذ بمجموعة من الفتيات يلعبن مباراة «وتر بولو»، فطلبت الانضمام لهن، فرفضن لاكتمال العدد ولعدم معرفتي بأصول وأحكام اللعبة.
تابعت المباراة وعرفت الأحكام سريعا من باب العلم بالشيء.. ثم عدت لممارسة السباحة الحرة وحدي.
{{{
دقائق وطلبت مني مدربة الفريق الانضمام لهن بسبب نقص عدد اللاعبات، رحبت وبعد دقائق قليلة، أحرزت هدفا اخترق شباك الفريق الخصم.. يبدو أنه حظ المبتدئ!
فجأة علت الأصوات وزاد الصراخ وإذ بالفريق الخصم يتهمني بالكذب ويعتقد أنني مارست اللعبة من قبل وخبيرة بها.
ثم زاد الضغط عليّ عقب قيامي بمنع عضوات الفريق الخصم من إحراز هدف في شباك فريقي.
حتى أن كابتن الفريق تركت المباراة مستاءة لأنه بحسب ما قالت: لقد اضفتم للفريق الخصم لاعبة ممارسة وتدعون أنها مبتدئة!
{{{
عدت فرويت قصة الهدف اليتيم لبناتي، لكني صدقاً صعقت من ردة فعلهن.
فقد كادت إحدى بناتي تقفز من الفرحة طربا بما سمعت وتطالبني بإعادة قصة هدف «الوتر بولو» مراراً، كأني أروي لها قصة حصولي على جائزة نوبل!
{{{
وكم كررت على مسامعي: لا تتخيلي إلى أي حد أنا فخورة بك يا أمي
لقد أحرزت هدفا.. أمي أحرزت هدفا في شباك الخصم..
تقولها وتكررها بزهو فيما عيناي تدمعان بحرقة.. فجهد أربعة أشواط في زمن ثلث ساعة لمباراة «وتر بولو» يثير فخر أبنائي، بينما جهود 16 عاما تربية وزهاء 4 آلاف ساعة مطبخ وعدد لا يحصى من أوقات العمر في تنظيف حمامات وترتيب الدار والعناية بدقائق الأسرة ومحاربة الحشرات ومعايدة الأطباء بالإضافة لمتابعة الدروس والتوصيل والرص والتجميع والتوفيق وفض المنازعات، عدا الواجبات الاجتماعية هذا ولم أذكر بعد الغربة وتكريس الحياة لإسعاد أفراد أسرتي لا يدخل ضمن نطاق المفاخر في قاموس أبنائي!
لا أنكر أن كل ما سبق من جهد أسري قد تم مناصفة ويداً بيد مع زوجي الأغلى.
ما ورد أعلاه دعاني لفكرة بحثي عن مدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على تقدير ربة البيت لذاتها وتأثيرها أيضا في صورتها عن ذاتها.
أحاول التشبث بحيادية الباحث الطالب للمعرفة، لكني فعليا متحيزة كل التحيز لجهود ربات وأرباب البيوت.
عسى الله ان يقنع صغاري أن رائحة الكلور التي تفوح من أمهاتهم أثناء تنظيفهن للمطبخ وعرق آبائهم في المصنع أجمل من أي عطر.
copy short url   نسخ
13/03/2021
1325