+ A
A -
محمد هنيد
أستاذ مشارك
بجامعة السوربون
مع بدء قطار المصالحة الخليجية شرعت أقلام كثيرة في الحديث عن إمكانية حرب وشيكة في المنطقة تستهدف فيها إدارة الرئيس ترامب دولة إيران.
لا يخلو هذا التنجيم من وجاهة وكذلك من بعض الغرابة.
أما الوجاهة فتتمثل في قدرة الرئيس المنتهية ولايته على ارتكاب ذلك من أجل أن يغطي على هزيمته الفادحة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة. وتظهر وجاهة هذا التحليل كذلك في الأزمة العالمية الخانقة الناتجة عن الجائحة التي ضربت العالم وأربكت كل آلياته الاقتصادية والتجارية. فقد أكد تاريخ الحروب أنّها تُسبق دائما بأزمات كبرى وتكون أداة ووسيلة لتعويض النقص والخسائر الناجمة عن الأزمة.
لكن يبدو الأمر من جهة أخرى غريبا بسبب تعقّد الملف الإيراني فهي دولة كبيرة وثقيلة سكانيا وجغرافيا واستراتيجيا ولا تشبه في ذلك بقية الدول العربية بل هي دولة تعلم منذ عقود أنها مُهددة بالغزو والعدوان في كلّ حين. ثم إن إيران ليست وحدها في المنطقة وإنما تمثل شبكة من الحلفاء والامتدادات حتى داخل المنطقة العربية نفسها هذا فضلا عن كونها تدخل ضمن المجال الاستراتيجي للقوّة الروسية. الخلايا الإيرانية في المنطقة العربية وجوارها الإقليمي لن تقف صامتة في حال قُصفت إيران وهو الأمر الذي سيحوّل كل مغامرة عسكرية إلى بقعة زيت لا يُعرف مداها.
ثم إنّ المسارات السياسية في منطقة الخليج تتجه إلى التهدئة وطيّ الملفات المفتوحة انطلاقا من حصار قطر وحرب اليمن والملف السوري واللبناني وهو ما يجعل من إمكانية فتح ملف جديد شائك بحجم الملف الإيراني أمرا صعب التوقّع وإن لم يكن مستبعدا.
رغم كل هذه التوقعات والتوقعات المضادة فإنه ليس من مصلحة دول الخليج اندلاع أية مواجهات جديدة في محيطها الإقليمي بل على العكس من ذلك اليوم إذ المطلوب هو السعي إلى خفض التصعيد وربما الجلوس معها على طاولة الحوار لنزع فتيل التشنج في المنطقة.
إيران رغم تدخلاتها في ملفات عربية كثيرة هي دولة جارة بالمنطق الجغرافي ولن تتحرك من مكانها ثم هي أيضا دولة مشرقية ومسلمة وهو ما يجعل من تطبيع العلاقات معها أمرا استراتيجيا بالنسبة للأمن القومي لدول الخليج.
التصعيد مع إيران هو تهديد لأمن الخليج نفسه ولن يستهدف غير استنزاف المنطقة ماديا، أمن إيران هو أمن الخليج وهو ما يجعل من تفعيل علاقات عربية – إيرانية ودية شرط استقرار المنطقة وأمن بلدانها وشعوبها.
copy short url   نسخ
14/01/2021
1867