+ A
A -
تحقيق - آمنة العبيدلي
يفضل كثير من الشباب القطري الالتحاق بالوظيفة الحكومية عن الوظيفة في القطاع الخاص، وتلك ثقافة راسخة في المجتمعات العربية عموما، من منطلق أن «الحكومية» أكثر أمانا وظيفيا وبها محفزات مادية أكثر من «الخاصة»، فضلا عن أن القطاع الخاص عادة ما يبحث عن معدل إنتاج عال للموظف، وهذا يتطلب منه بذل مزيد من الجهد في العمل، وهي معتقدات وعادات ربما تحتاج إلى تغيير، ويبقى السؤال المطروح الآن بالنسبة للشباب القطري: هل بدأت تتبدل لديه ثقافة العمل بأن يقبل على الوظيفة بالقطاع الخاص إذا لم تتوفر له وظيفة حكومية؟ وما المزايا التي تجعله يقبل الوظيفة في القطاع الخاص؟ هذا السؤال طرحناه على عدد من المواطنين وبعض المتخصصين في الموارد البشرية، وفيما يلي التفاصيل :


يجب أن يكون هناك نظام للترقيات
ترى الدكتورة بثينة الأنصاري خبير تطوير استراتيجي وموارد بشرية أن الظروف التي يمر بها العالم خاصة في ظل جائحة كورونا سوف تعمل على تغيير الكثير من المفاهيم ومنها المفاهيم الوظيفية، فمن الحكمة ألا يجلس الشاب في البيت منتظرا الوظيفة الحكومية، ومن الأفضل له أن يلتحق بالوظيفة في القطاع الخاص حتى يجد الفرصة للانتقال إلى القطاع الحكومي، وإذا لم يجد الأمان في القطاع الخاص يبدأ هو بعمل مشروع صغير لنفسه ويؤهل نفسه من حيث التدريبات والخبرات، وفي تقديري الشاب القطري لن يقبل على الوظيفة الحكومية ما لم توفر له الأمان الوظيفي من الفصل التعسفي وما لم توفر له المزايا المالية التي يحصل عليها نظيره في القطاع الحكومي، ولابد أن يكون هناك نظام للترقيات ولوائح تضمن زيادة في المرتبات وخلاف ذلك لن يقبل الشاب على الوظيفة في القطاع الخاص وهذا حق مشروع له فكل إنسان يبحث عن الأفضل، ولكن في تقديري القطاع الخاص أفضل من الانتظار في البيت.


تقديم مغريات لاستقطاب الطاقات الشابة
يرى الدكتور فهد الجابر الرئيس التنفيذي للمركز الإستراتيجي للاستشارات والبحوث أن الشاب القطري يقبل على القطاع الخاص، إذا كانت به مغريات لجذب واستقطاب الطاقات الشابة إليه، وبشرط أن تتناسب الرواتب مع ساعات العمل لأن ساعات العمل في القطاع الخاص ضعف ساعات العمل في القطاع العام، كما يجب على القطاع الخاص أيضا كي يجذب الشباب أن ينظم برامج ودورات تدريبية بحيث يشعر الشاب بتطوره المهني واكتساب خبرات تساعده على زيادة راتبه كل فترة، لكن واقع الحال للأسف أن شركات القطاع الخاص تركز على الربح أكثر من التركيز على تطوير الموظف أي تفضل عدم إنفاق مبالغ مالية على دورات تدريبية بخلاف الوضع في القطاع الحكومي الذي ينظم دورات تدريبية باستمرار.
خلاصة الأمر أن الشاب القطري يقبل على وظيفة القطاع الخاص إذا توفرت فيها مزايا القطاع العام.


تساوي المزايا بين القطاعين .. ضروري
قال الدكتور عدنان ستيتية إن الشاب القطري من الممكن أن يقبل على العمل في القطاع الخاص إذا توفرت له الحماية من إنهاء الخدمة السريع، وإذا تساوت المزايا بين القطاعين الحكومي والخاص وتابع: إذا كانت المزايا التي يحصل عليها تفوق مزايا الوظيفة الحكومية لأن الأعباء الوظيفية في القطاع الخاص ضعف نظيرتها في القطاع الحكومي، ومعظم القطاع الخاص يعمل فترتين في اليوم فترة صباحية وأخرى مسائية، بينما القطاع الحكومي غالبا فترة واحدة، وأيضا في القطاع الحكومي توجد مرونة في الإجازات، فلو الموظف عنده ظرف استثنائي يمنعه من الدوام فمن السهل الحصول على إجازة وهذه الميزة لم تتوفر في القطاع الخاص. وأضاف قائلا: إن القطاع الخاص جاذب أكبر للطموحين الذين يرغبون في تحقيق إنجازات سريعة ومردود أكثر، ولكن الأمان يكون أقل من القطاع الحكومي ولو يوفر الأمان للموظف في القطاع الخاص يحمي حقوق الموظف فمن الممكن إقبال الشباب على العمل فيه، وإلا سيكون العمل في القطاع الخاص من وجهة نظره مجازفة ومن وجهة نظر الكثيرين لما قد يتعرض له الموظف من إنهاء خدمته بشكل سريع فالموظف يحتاج أن يشعر بالأمان الوظيفي.

الراتب لابد وأن يتناسب مع الأعباء
قال الدكتور عبدالناصر الأنصاري إنه لا يعارض العمل في القطاع الخاص، فإذا توفرت فرصة عمل بها استقرار وظيفي فمن الممكن الالتحاق بها ولا ينتظر الوظيفة الحكومية، إذ يجب أن تتغير ثقافة التوظيف عند الشباب القطري، لأن عدد الخريجين يتزايد يوما بعد يوم والجهاز الإداري في الدولة لا يستوعب عدد الباحثين عن عمل. وأعتقد أن تفكير الشباب القطري تطور فلم يعد يصر على الوظيفة الحكومية بشرط أن يكون المقابل في وظيفة القطاع الخاص يعادل الأعباء والمهام الوظيفية الملقاة على عاتقه، ويجب على الدولة في هذه الحالة أن تصدر قانونا ينظم علاقة الموظف القطري مع صاحب العمل القطري
وأن تراقب تطبيق هذا القانون، لأن ما يجعل الشاب القطري مصرا على الوظيفة في القطاع الحكومي هو أن القطاع الحكومي يتمتع بالأمان الوظيفي والترقيات والتقاعد وبعض المميزات الأخرى التي تعتبر حافزا وقوة جذب إضافية للشباب للعمل في المؤسسات الحكومية.

الأمان الوظيفي أولا
قال الكاتب أحمد الحمادي: هناك مجموعة شروط تجعل الشاب القطري يقبل على القطاع الخاص ولا ينتظر الوظيفة الحكومية، وهذه الشروط تتوفر حاليا في بعض المؤسسات الكبرى ويوجد بها شباب قطري، مشيرا إلى أن أول هذه الشروط على الإطلاق أن يشعر الموظف بأنه لن يكون عرضة
لإنهاء خدماته تحت أي ظرف،
ولا عرضة للانتقام من صاحب العمل أو من رئيسه في العمل، وهذا قبل المزايا
المالية أقصد الحوافز والبدلات. وتابع: إذا شعر الشاب بأن الوظيفة في القطاع الخاص دائمة وتمكنه من فتح بيت وتحمل مسؤوليات أسرته المالية، فهي أفضل من أن يجلس في البيت بدون عمل منتظرا الوظيفة في القطاع الحكومي التي قد تأتي وقد لا تأتي، ولكن للأسف حتى الآن لا نرى القطاع الخاص في المجمل العام يقدم أي محفزات أو حوافز أو مميزات تشجع الشاب للالتحاق بالعمل به، وبالتالي فالشاب لديه كل العذر في التخوف من الوظيفة في القطاع الخاص لأنها لن تساعده في المضي قدما لتحقيق مستقبل جيد له ولأسرته.
copy short url   نسخ
24/11/2020
2548