+ A
A -
قام رئيس الجمهورية التونسية خلال الأيام القليلة الماضية بزيارة رسمية إلى دولة قطر وهي الزيارة التي تمخضت عنها جملة من الاتفاقيات لتوطيد العلاقات وتعزيزها. تأتي هذه الزيارة في إطار ما تشهده العلاقات بين البلدين الشقيقين من ثبات منذ اندلاع الثورة التونسية وما عرفته من توافق الرؤى والتصورات إزاء الملفات الإقليمية والدولية.
تونسيا تندرج الزيارة في إطار بحث الدولة عن الانفتاح على الشركاء والأشقاء العرب سعيا منها إلى الخروج من حالة الأزمة والركود التي تعيشها وتداخل الملفات الإقليمية والمحلية، وما خلفته جائحة كورونا من آثار اجتماعية واقتصادية شديدة الخطورة. من جهة ثانية يسعى رئيس الجمهورية إلى تفعيل دوره القيادي في الانفتاح على الخارج، ورسم خارطته الدبلوماسية ورؤيته للعلاقات العربية العربية.
تاريخيا كانت قطر ولا تزال أوّل شريك اقتصادي لتونس عبر مختلف الاستثمارات التي ضختها الدوحة في الاقتصاد التونسي وذلك في مختلف القطاعات، كما وقفت قطر إلى جانب تونس عبر الحكومات والرئاسات المتعاقبة من خلال المساعدات والهبات، والقروض التي منحتها للحكومة التونسية لمواجهة العجز المالي الذي عرفته البلاد في مراحل متفاوتة منذ 2010، إضافة إلى ذلك تقيم بدولة قطر جالية يفوق عددها خمسة وثلاثين ألف مقيم، وهو ما يطبع العلاقات الثنائية بين البلدين بطابع خاص.
دعمت قطر التجربة الديمقراطية التونسية ووفرت لها كل الدعم والمساندة من أجل إنجاح المسار الانتقالي التونسي وتفادي سقوطه في الفوضى كما حصل في بقية التجارب الثورية العربية، لم يقتصر الدعم القطري على المستوى المادي أو الاقتصادي، بل تجاوزه إلى المستوى السياسي والدعم الدبلوماسي في المحافل الدولية والملتقيات الأممية.
حافظت دولة قطر بذلك على موقفها المبدئي تجاه ثورات الربيع العربي احتراما لإرادة الشعوب وتضامنا منها مع رغبة الجماهير في التغيير السياسي ورفض العنف والاستبداد والقمع، لم تسقط قطر فيما سقطت فيها دول خليجية وعربية أخرى راهنت على القمع وعلى الانقلابات والفوضى مما تسبب في فوضى كما هو الحال في سوريا واليمن وليبيا.
صحيح أنّ هذا الموقف القطري قد كلّف الدولة كثيرا بسبب الهجمة الشرسة التي تعرضت لها من بقايا النظام القديم في تونس وأذرعه الإعلامية المدعومة خارجيا، لكنها كسبت ثقة شعب تونس الذي أيقن اليوم وأكثر من أي وقت مضى قيمة الإسناد القطري لثورته المجيدة.
سيسجّل التاريخ وستحفظ ذاكرة الأجيال أنّ الدوحة مثّلت ولا تزال خير سندٍ للانتقال الديمقراطي التونسي، في الوقت الذي تنكّر لها في القريب والبعيد، فشكرا لقطر قيادة وحكومة وشعبا أصيلا.
محمد هنيد
أستاذ مشارك بجامعة السوربون
copy short url   نسخ
19/11/2020
2383